للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: إنَّ الضَّمِيرَ فِي " يُقَاتِلْ " عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ مَفْعُولٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَكَانَ الْمَعْنَى فِي دُخُولِ الْبَاءِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ الشِّرَاءِ أَنَّ " اشْتَرَيْت " وَ " بِعْت " كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَى الْآخَرِ لَكِنَّ الْأَكْثَرَ فِي " بِعْت " الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمِلْكِ، وَفِي " اشْتَرَيْت " الْإِدْخَالُ. الثَّانِيَةُ إدْخَالُهُمْ الْبَاءَ مَعَ فِعْلِ الِاخْتِصَاصِ عَلَى الْمُخْتَصِّ، وَالصَّوَابُ: إدْخَالُهَا عَلَى الْمُخْتَصِّ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ إفْرَادُ بَعْضِ الشَّيْءِ عَمَّا لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ بِالْجُمْلَةِ فَإِذَا قُلْت: اخْتَصَّ زَيْدٌ بِالْمَالِ. فَمَعْنَاهُ أَنَّ زَيْدًا مُنْفَرِدٌ عَنْ غَيْرِهِ بِالْمَالِ فَهُوَ الْمُخْتَصُّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، وَالْمَالُ مُخْتَصٌّ بِهِ. وَالْمُخْتَصُّ أَبَدًا هُوَ الْمُنْفَرِدُ الْمُحْتَوِي أَبَدًا عَلَى الشَّيْءِ فَهُوَ كَالظَّرْفِ لَهُ، وَالْمُخْتَصُّ بِهِ أَبَدًا هُوَ الْمَأْخُوذُ كَالْمَظْرُوفِ. فَلَوْ قُلْت: اخْتَصَّ الْمَالُ بِزَيْدٍ تُرِيدُ مَا أَرَدْته بِالْمِثَالِ السَّابِقِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّك فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ حَصَرْت الْمَالَ فِي زَيْدٍ، وَفِي الثَّانِي حَصَرْت زَيْدًا فِي الْمَالِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ صِفَةٌ غَيْرُ الِاحْتِوَاءِ عَلَى الْمَالِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُرَادِ فَإِنَّ زَيْدًا قَدْ يَكُونُ لَهُ صِفَاتٌ مِنْ دِينٍ وَعِلْمٍ وَغَيْرِهِمَا. وَبِهَذَا يَظْهَرُ حُسْنُ عِبَارَةِ التَّسْهِيلِ: " وَخُصَّ الْجَرُّ بِالِاسْمِ " عَلَى عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ: " وَالِاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ ".

[اللَّامُ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

اللَّامُ حَقِيقَةٌ فِي الِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِك: الْمَالُ لِزَيْدٍ، وَقَوْلُهُمْ: لِلْمِلْكِ مَجَازٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>