للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْفَرْعِ فَتَمِّمْ لِي الْقِيَاسَ، فَإِنْ ثَبَتَ عَدَمُ تَأْثِيرِهَا امْتَنَعَ قِيَاسُك، فَعَلَيْك بَيَانُهُ. فَإِنْ بَيَّنَ الْمُعْتَرِضُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ لَزِمَ الْمُسْتَدِلَّ جَوَابُهُ وَإِلَّا انْقَطَعَ. أَمَّا فَتْحُ بَابِ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّأْثِيرِ ابْتِدَاءً فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ، لِمَا ذَكَرْنَا.

[الْمَسْلَكُ الثَّانِي النَّصُّ عَلَى الْعِلَّةِ]

قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَتَى وَجَدْنَا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَصْبِهِ أَدِلَّةً أَوْ أَعْلَامًا ابْتَدَرْنَا إلَيْهِ، وَهُوَ أَوْلَى مَا يُسْلَكُ. ثُمَّ الْمَشْهُورُ أَنَّ إلْحَاقَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ بِالْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ قِيَاسٌ، وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: لَيْسَ قِيَاسًا، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِمْسَاكٌ بِنَصِّ لَفْظِ الشَّارِعِ، فَإِنَّ لَفْظَ التَّعْلِيلِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ التَّأْوِيلَ عَنْ كُلِّ مَا تَجْرِي الْعِلَّةُ فِيهِ كَانَ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ مُسْتَدِلًّا بِلَفْظٍ نَاصٍّ فِي الْعُمُومِ، حَكَاهُ فِي الْبُرْهَانِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَرَاتِبِ الْأَقْيِسَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيلَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي، وَأَصْلُهُ أَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ الْحُرُوفُ كَبَقِيَّةِ الْمَعَانِي، لَكِنْ تَدُلُّ الْأَسْمَاءُ وَالْأَفْعَالُ عَلَى الْحُرُوفِ، فِي إفَادَةِ الْمَعَانِي. فَمِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيلِ: كَيْ، وَاللَّامُ، وَإِذَنْ، وَمِنْ، وَالْبَاءِ، وَالْفَاءِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ: أَجَلْ، وَجَرَّاءُ، وَعِلَّةٌ، وَسَبَبٌ، وَمُقْتَضًى، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَمِنْ أَفْعَالِهِ: عَلَّلْت بِكَذَا، وَنَظَرْت كَذَا بِكَذَا. ثُمَّ قَدْ يَدُلُّ السِّيَاقُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ، كَمَا دَلَّ عَلَى غَيْرِ الْعِلِّيَّةِ. وَقَدْ يَكُونُ مُحْتَمِلًا فَيُعَيِّنُ السِّيَاقُ أَحَدَ الْمُحْتَمَلَيْنِ. وَقَدْ خَلَطَ الْمُصَنِّفُونَ الشُّرُوطَ بِالْعِلَلِ، وَعَمَدُوا إلَى أَمْثِلَةٍ يُتَلَقَّى التَّعْلِيلُ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فَظَنُّوهُ يَتَلَقَّى مِنْ شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>