«- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» فَأَثْبَتَ إرْثَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ. فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَيْك لَا لَك، لِأَنَّ مَعْنَاهُ نَفْيُ تَوْرِيثِ الْخَالِ بِطَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ، أَيْ: الْخَالُ لَا يَرِثُ. كَمَا يُقَالُ: الْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ، وَالصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ. أَيْ لَيْسَ الْجُوعُ [زَادًا] ، وَلَا الصَّبْرُ حِيلَةً. وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ، وَلَهُ: مَحَلُّ التَّقْسِيمِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ: هُوَ إنْ تَعَلَّقَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قِيَاسٍ يَقْتَضِي الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِيهِ وَيُرَدُّ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ. وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا اتِّحَادَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَوْ رُدَّ إلَى أَصْلٍ آخَرَ لَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَصْلِ الْآخَرِ إمَّا حَاصِلًا فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ فَمَرَدُّهُ إلَيْهِ، أَوْ غَيْرَ حَاصِلٍ بِأَصْلِ الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ نُقِضَ عَلَى تِلْكَ الْعِلَّةِ.
قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ مَا يَكُونُ مِنْ الْقَلْبِ فِي غَيْرِ الْقِيَاسِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَلْبَ لَا يَخْتَصُّ بِالْقِيَاسِ قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ دَعْوَى لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ عَلَيْهِ لَا لَهُ، فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ.
[اعْتِبَارِهِ الْقَلْب]
الثَّانِي -[فِي اعْتِبَارِهِ] :
وَقَدْ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ، أَعْنِي مَا يُثْبِتُهُ الْمُسْتَدِلُّ وَمَا يُثْبِتُهُ الْقَالِبُ، إنْ لَمْ يَتَنَافَيَا فَلَا قَلْبَ، إذْ لَا مَنْعَ مِنْ اقْتِضَاءِ الْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ لِحُكْمَيْنِ غَيْرِ مُتَنَافِيَيْنِ، فَلَا يَفْسُدُ بِهِ. وَإِنْ اسْتَحَالَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يُمْكِنْ الرَّدُّ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ بِعَيْنِهِ، فَلَا يَكُونُ قَلْبًا، إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الرَّدِّ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute