وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْبَاقِي بِلَا نِزَاعٍ، بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى قَوْلٍ.
[دُخُولُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ]
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: يَصِحُّ دُخُولُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، فَيَكُونُ الثَّانِي شَرْطًا فِي الْأَوَّلِ وَيُسَمِّيهِ النَّحْوِيُّونَ اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: ٣٤] وَمَعْنَاهُ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ. وَشَرَطَ ابْنُ مَالِكٍ فِي تَوَالِي الشَّرْطَيْنِ عَدَمَ الْعَطْفِ. قَالَ: فَلَوْ عُطِفَا فَالْجَوَابُ لَهُمَا مَعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ - إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} [محمد: ٣٦ - ٣٧] وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا مِنْ تَوَالِي فِعْلَيْ شَرْطٍ لَا مِنْ تَوَالِي شَرْطَيْنِ، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ " أَنَّ حُكْمَهُ بِالْعَطْفِ كَحُكْمِهِ مَعَ عَدَمِهِ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ الْمَشْرُوطُ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ الشَّرْطِ أَوْ عَقِبَهُ]
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: الْمَشْرُوطُ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ الشَّرْطِ أَوْ عَقِبَهُ؟ قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ ": ذَكَرَ أَبُو هَاشِمٍ فِي الْبَغْدَادِيَّاتِ " أَنَّهُ يَقَعُ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ. قَالَ: وَالْمَحْكِيُّ عَنْ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ الشَّرْطِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي الْإِيقَاعِ. وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْإِيقَاعِ. قَالَ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي قَوْلِهِمْ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عِنْدَ أَبِي هَاشِمٍ، وَيُلْغَى الشَّرْطُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَجَبَ حُصُولُ الْمَشْرُوطِ مَعَ حُصُولِ الشَّرْطِ وَالشَّرْطُ هُوَ الْعَقْدُ وَالْمَشْرُوطُ حَلُّهُ، وَالْعَقْدُ وَحَلُّهُ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَجَبَ أَنْ يَلْغُوَ الشَّرْطُ وَيَصِحَّ الْعَقْدُ، وَعَلَى قَوْلِ مُخَالِفِيهِ أَنَّ الْمَشْرُوطَ يَقَعُ بَعْدَ الشَّرْطِ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي الْأَوَّلِ، وَيَنْحَلُّ فِي الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute