للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُوجِبِ نَفْيِهِ عَنْهُ.

أَحَدُهُمَا: أَوْجَبَهُ لِسَانُ الْعَرَبِ لُغَةً. وَالثَّانِي: أَوْجَبَهُ دَلِيلُ الْخِطَابِ شَرْعًا. قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا النَّوْعِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ جَوَابًا أَوْ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ. اهـ.

وَقَدْ قَالَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَالْإِمَامُ الرَّازِيَّ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: " إنَّمَا " لِتَحْقِيقِ الْمُتَّصِلِ، وَتَمْحِيقِ الْمُنْفَصِلِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ الْقَاضِي الْقَوْلَ بِهِ بَعْدَ تَرَدُّدِهِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَفْصِلُ بَيْنَ قَوْلِك: إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، وَلَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ.

وَقَدْ سَمَّى أَهْلُ اللُّغَةِ ذَلِكَ تَمْحِيقًا وَتَحْقِيقًا، وَنَفْيًا وَإِثْبَاتًا، قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَلَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ اقْتِضَاءُ النَّفْيِ، ثُمَّ يَجُوزُ تَرْكُهُ بِدَلِيلٍ. فَمَنْ قَالَ بِالْمَفْهُومِ، قَالَ: هَذَا نَقِيضُ النَّفْيِ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ تَرَدَّدَ. وَحَكَى الْغَزَالِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْحَصْرِ، مُحْتَمَلٌ فِي التَّأْكِيدِ، وَاخْتَارَهُ. وَقَدْ سَبَقَ فِي فَصْلِ الْحُرُوفِ فِي الْكَلَامِ عَلَى " إنَّمَا " بَقِيَّةُ الْمَذَاهِبِ. وَفِيهِ مَا يَتَعَيَّنُ اسْتِحْضَارُهُ هُنَا.

الثَّالِثَةُ: حَصْرُ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْخَبَرُ مَقْرُونًا بِاللَّامِ نَحْوَ: الْعَالِمُ زَيْدٌ، أَوْ مُضَافًا نَحْوَ: صَدِيقِي زَيْدٌ، يُفِيدُ حَصْرَ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ عَهْدٍ، وَمِمَّنْ قَالَ بِإِفَادَتِهِ الْحَصْرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَالْهَرَّاشِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ.

وَأَنْكَرَهَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَتَبِعَهُمْ الْآمِدِيُّ.

[مَفْهُومُ الْحَصْرِ هَلْ يُفِيدُ بِالْمَنْطُوقِ أَوْ الْمَفْهُومِ]

وَاخْتَلَفَ الْأَوَّلُونَ فِي أَنَّهُ هَلْ يُفِيدُ الْحَصْرَ بِالْمَنْطُوقِ أَوْ الْمَفْهُومِ؟ فَذَهَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>