مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَحِينَئِذٍ: فَقَوْلُك: صَدِيقِي زَيْدٌ أَوْ زَيْدٌ صَدِيقِي، إمَّا أَنْ تُرِيدَ بِالصَّدِيقِ مَعْهُودًا أَوْ عُمُومَ الْأَصْدِقَاءِ، فَإِنْ قَصَدَ وَاحِدًا، وَقَدَّمَ زَيْدًا أَوْ أَخَّرَهُ فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَإِنْ قَصَدَ عُمُومَ الْأَصْدِقَاءِ وَقَدَّمَ زَيْدًا أَوْ أَخَّرَهُ، وَجَبَ الْعُمُومُ. فَإِذَا قُلْت: صَدِيقِي زَيْدٌ، أَيْ إنَّ كُلَّ صَدَاقَةٍ لِي مَحْصُورَةٌ فِي زَيْدٍ، أَوْ زَيْدٌ صَدِيقِي، فَزَيْدٌ هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ، لَا صَدِيقَ سِوَاهُ، وَجَبَ الْحَصْرُ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَلَوْ سَلَّمَ تَعْيِينَ " صَدِيقِي " لِلْخَبَرِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْخَاصُّ فَلَا عُمُومَ فِي التَّقْدِيمِ أَوْ التَّأْخِيرِ أَوْ أُرِيدَ الْمَعْنَى فَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ. وَإِنَّمَا فُهِمَ التَّغَايُرُ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ: الْعَالِمُ زَيْدٌ، وَلَيْسَ هُوَ نَظِيرَهُ.
[الْمُبْتَدَأِ إذَا كَانَ مَعْرِفَةً وَالْخَبَرُ نَكِرَةً هَلْ يُفِيدُ الْحَصْرَ]
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُبْتَدَأِ إذَا كَانَ مَعْرِفَةً، وَالْخَبَرُ نَكِرَةً، هَلْ يُفِيدُ الْحَصْرَ؟ فَقِيلَ: لَا يُفِيدُ أَصْلًا. وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» ، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ كَذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ «فَلْيَتَّقِ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» . وَقِيلَ: يُفِيدُهُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يُفِيدُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَنْطُوقِ أَوْ الْمَفْهُومِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقِيلَ: إنَّهُ بِالْمَفْهُومِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ: وَلِهَذَا لَمْ يَقْبَلُوهُ.
قَالَ: وَعِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمَفْهُومِ الْمُتَلَقَّى مِنْ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ. وَمَنْ قَالَ: زَيْدٌ صَدِيقِي لَمْ يَتَضَمَّنْ نَفْيَ الصَّدَاقَةِ عَنْ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ: صَدِيقِي زَيْدٌ اقْتَضَاهُ. قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ ادِّعَاءُ إجْمَاعِ أَهْلِ اللِّسَانِ عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute