للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ]

ُ مِنْ حَقِّ التَّخْصِيصِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ، فَاللَّفْظُ الَّذِي لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْوَاحِدَ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِمَعْنَى إخْرَاجِ بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ مِنْهُ، لِأَنَّهُ إخْرَاجُ الْبَعْضِ مَعَ بَقَاءِ الْبَعْضِ، وَالْوَاحِدُ لَا بَعْضَ لَهُ، فَاسْتَحَالَ تَخْصِيصُهُ. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَا يَجُوزُ تَخْصِيصٌ إلَّا فِي ذِي أَجْزَاءٍ يَصِحُّ افْتِرَاقُهَا، لِيُمْكِنَ صَرْفُهُ إلَى بَعْضٍ يَصِحُّ الْقَصْرُ عَلَيْهِ. وَاعْتَرَضَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْوَاحِدَ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ، وَهُوَ يَصِحُّ إخْرَاجُ بَعْضِ أَجْزَائِهِ، لِصِحَّةِ قَوْلِك: رَأَيْت زَيْدًا وَتُرِيدُ بَعْضَهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ، فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ.

وَأَمَّا الَّذِي يَتَنَاوَلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عُمُومُهُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى، أَيْ الِاسْتِنْبَاطِ. فَالْأَوَّلُ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ أَمْرًا أَوْ خَبَرًا، نَحْوَ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ، ثُمَّ خُصَّ الذِّمِّيُّ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ. وَالثَّانِي عَلَى ثَلَاثَةٍ أَقْسَامٍ.

أَحَدُهَا: الْعِلَّةُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَخْصِيصِهَا عَلَى مَذَاهِبَ كَثِيرَةٍ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ الْمَنْعُ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الْقِيَاسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُسَمَّاةُ هُنَاكَ بِالنَّقْصِ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>