لِأَجْلِ النُّقْصَانِ عِنْدَ الْجَفَافِ، وَوَجَدْنَا هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الْعَرَايَا مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَهُ فِيهَا.
الثَّانِي: مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ كَدَلَالَةِ التَّأْفِيفِ عَلَى حُرْمَةِ الضَّرْبِ، فَالتَّخْصِيصُ فِيهِ جَائِزٌ بِشَرْطِ بَقَاءِ الْمَلْفُوظِ، وَهُوَ التَّأْفِيفُ فِي مِثَالِنَا هَذَا. وَمَنَعَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " مِنْ جَوَازِ تَخْصِيصِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُمُومِ وَلَا عُمُومَ إلَّا فِي الْأَلْفَاظِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] وَكَانَ الْمَنْعُ مِنْ أَجْلِ الْأَذَى، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إجَازَةِ الضَّرْبِ مَعَ أَنَّ فِيهِ أَذًى، لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ الْأَوَّلَ، قَالُوا: وَهَكَذَا الْقِيَاسُ لَا يَدْخُلُهُ تَخْصِيصٌ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ تَنْبَنِيَانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَعْلُومِ مِنْ جِهَةِ الْفَحْوَى: هَلْ هُوَ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ، وَشَرَطَ الْهِنْدِيُّ فِي الْجَوَازِ أَنْ لَا يَعُودَ نَقْصًا عَلَى الْمَلْفُوظِ كَإِبَاحَةِ ضَرْبِ الْأُمِّ إذَا فَجَرَتْ. أَمَّا إذَا عَادَ نَقَضَا عَلَى الْمَلْفُوظِ كَمَا إذَا قَالَ: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] لَكِنْ أَبَاحَ لَهُ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذَى مُطْلَقًا، فَلَا يَجُوزُ هَذَا كُلُّهُ مَعَ بَقَاءِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ، أَمَّا لَوْ وَرَدَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى إخْرَاجِ الْمَلْفُوظِ وَهُوَ " التَّأْفِيفُ " مَثَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ تَخْصِيصًا، بَلْ نَسْخًا لَهُ، وَلِلْمَفْهُومِ أَيْضًا، لِأَنَّ رَفْعَ الْأَصْلِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ الْفَرْعِ.
الثَّالِثُ: مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ كَسَائِمَةِ الْغَنَمِ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ نَفْيُ الْإِيجَابِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute