مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ مِثْلِ حُكْمِ الْمَذْكُورِ لِبَعْضِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ، الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ الْمَفْهُومُ خِلَافَ مَا ثَبَتَ لِلْمَنْطُوقِ، وَيُعْمَلُ بِذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلِينَ، فَتُخَصُّ الْمَعْلُوفَةُ الْمُعَدَّةُ لِلتِّجَارَةِ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ.
وَشَرَطَ الْبَيْضَاوِيُّ وَصَاحِبُ " الْحَاصِلِ " لِلْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُخَصَّصُ رَاجِحًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْإِمَامُ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخَصَّصِ الرُّجْحَانُ.
وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ، كَمَا حَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَحَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ مَنَعَ تَخْصِيصَ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، لِأَنَّهُ يُوجِبُ اللَّفْظَ، وَاخْتَارَ تَخْصِيصَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي كِتَابِ " التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي الْمَنْعُ فِيهِمَا مُطْلَقًا. نَعَمْ هَذَا اخْتِيَارُ سُلَيْمٍ الرَّازِيَّ فِي كِتَابِ " التَّقْرِيبِ "، فَإِنَّهُ مَنَعَ دُخُولَ التَّخْصِيصِ لِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اللَّفْظِ، إنْ تَنَاوَلَ وَاحِدًا لَمْ يَدْخُلْهُ تَخْصِيصٌ، وَإِنْ تَنَاوَلَ أَشْيَاءَ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ.
قَالَ " شَارِحُ اللُّمَعِ " تَخْصِيصُ دَلِيلِ الْخِطَابِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ يَنْبَنِي عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيهِ: هَلْ هُوَ كَالنُّطْقِ أَوْ كَالْقِيَاسِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: كَالْقِيَاسِ لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: كَالنُّطْقِ فَفِي تَخْصِيصِهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْمَعْنَى فِي فَحْوَى الْخِطَابِ. قَالَ: فَأَمَّا إذَا اسْتَقَرَّ كَانَ مَا يَرِدُ مُنَاقِضًا لَهُ مِنْ بَابِ النَّسْخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute