للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَرٌ مُنَجَّزٌ فَجَازَ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ " نَعَمْ " كَمَا يَأْتِي بَعْدَ الْخَبَرِ الْمُوجَبِ وَتَكُونُ " نَعَمْ " لَيْسَتْ جَوَابًا عَلَى جَوَابِ التَّصْدِيقِ، وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الَّذِي مَنَعُوهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ، وَإِذَا كَانَتْ جَوَابًا فَإِنَّمَا يَكُونُ تَصْدِيقًا لِمَا بَعْدَ أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ. وَاَلَّذِي جَوَّزَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى التَّصْدِيقِ لَا الْجَوَابِ كَمَا فِي قَوْلِك: نَعَمْ لِمَنْ قَالَ: قَامَ زَيْدٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَصَارَتْ الْأَجْوِبَةُ ثَلَاثَةً " نَعَمْ " تَصْدِيقٌ لِلْكَلِمِ السَّابِقِ مِنْ الْإِثْبَاتِ، وَ " لَا " لِرَدِّ الْإِثْبَاتِ وَ " بَلَى " لِرَدِّ النَّفْيِ، وَلَا يُجَابُ بَعْدَ النَّفْيِ، بِنَعَمْ؛ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ عَلَى ضِدِّهِ فَإِنْ وَرَدَتْ بَعْدَ نَفْيٍ فَلَيْسَتْ جَوَابًا وَلَكِنَّهَا تَصْدِيقٌ لِلَفْظِهِ الَّذِي جَاءَ عَلَى النَّفْيِ.

[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي لكن]

لَكِنْ: مُخَفَّفَةُ النُّونِ حَرْفٌ عَاطِفٌ، مَعْنَاهُ: الِاسْتِدْرَاكُ، أَيْ: التَّدَرُّكُ، وَفَسَّرَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِرَفْعِ التَّوَهُّمِ النَّاشِئِ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ مِثْلُ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو. إذَا تَوَهَّمَ الْمُخَاطَبُ عَدَمَ مَجِيءِ عَمْرٍ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى مُخَالَطَتِهِ وَمُلَابَسَتِهِ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْمِفْتَاحِ " أَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ زَيْدًا جَاءَك دُونَ عَمْرٍو، وَبِالْجُمْلَةِ وَضَعَهَا لِلِاسْتِدْرَاكِ وَمُغَايَرَةِ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا، فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>