بِوُجُودِهِمَا وَيَسْلَمَانِ مِنْ نَقْضٍ أَوْ كَسْرٍ، فَإِنْ عَارَضَهُمَا نَقْضٌ أَوْ كَسْرٌ لِعَدَمِ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِهِمَا فَسَدَ وَبَطَلَتْ الْعِلَّةُ، لِأَنَّ فَسَادَ الْعِلَّةِ يَرْفَعُهَا، وَفَسَادُ الْمَعْنَى لَا يَرْفَعُهُ، لِأَنَّ الْمَعْنَى لَازِمٌ وَالْعِلَّةَ طَارِئَةٌ، لِأَنَّ الْكَيْلَ إذَا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً فِي الرِّبَا فِي الْبُرِّ لَمْ يَبْطُلْ أَنْ يَكُونَ الْكَيْلُ بَاقِيًا فِي الْبُرِّ، فَيَصِيرُ التَّعْلِيلُ بَاطِلًا وَالْمَعْنَى بَاقِيًا، وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْمَعَانِي مِنْ الْعِلَلِ الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَفِي الْمَنْصُوصَةِ وَجْهَانِ. وَالثَّانِي وُقُوفُ الْعِلَّةِ عَلَى حُكْمِ النَّصِّ وَعَدَمُ تَأْثِيرِهَا فِيمَا عَدَاهَا هَلْ يَصِحُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
وَأَمَّا " الْمَظِنَّةُ " فَهِيَ مَعْدِنُ الشَّيْءِ قَالَ صَاحِبُ " الْمُقْتَرَحِ " مِنْ غَلَطِ الطَّلَبَةِ تَسْمِيَةُ الْعِلَّةِ مَظِنَّةً. قَالَ شَارِحُهُ: يُرِيدُ أَنَّهُمْ غَلِطُوا فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمَظِنَّةِ عَلَى كُلِّ عِلَّةٍ، وَإِنَّمَا تُطْلَقُ فِي الِاصْطِلَاحِ عَلَى بَعْضِ الْعِلَلِ، وَلَهَا دَلَالَتَانِ: دَلَالَةٌ عَلَى الْمَعْنَى، وَدَلَالَةٌ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَهِيَ إذَا أُضِيفَتْ إلَى الْمَعْنَى الْوُجُودِيِّ سُمِّيَتْ مَظِنَّةً.
وَإِذَا أُضِيفَتْ إلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ سُمِّيَتْ عِلَّةً لَهُ، وَمَنْ عَكَسَ ذَلِكَ فَقَدْ غَلِطَ. فَالسَّفَرُ مَثَلًا يَدُلُّ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ، فَإِذَا أَضَفْتَهُ إلَى الْمَشَقَّةِ قُلْت هُوَ مَظِنَّةٌ، وَإِذَا أَضَفْتَهُ إلَى الرُّخْصَةِ قُلْت هُوَ عِلَّةٌ لَهُ، فَالسَّفَرُ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ، وَعِلَّةُ الرُّخْصَةِ وَهَذَا أَمْرٌ يَرْجِعُ إلَى اصْطِلَاحٍ جَدَلِيٍّ.
[مَسْأَلَة الْمَعْلُولُ]
ُ] اخْتَلَفُوا فِي " الْمَعْلُولِ " مَا هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ مَحَلُّ الْعِلَّةِ، وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ كَالْخَمْرِ لِلْإِسْكَارِ وَالْبُرِّ لِلطُّعْمِ، فَإِنَّ الْمَعْلُولَ مَنْ وُجِدَ فِيهِ الْعِلَّةُ، كَالْمَضْرُوبِ وَالْمَقْتُولِ وَكَالْمَرِيضِ الْمَعْلُولِ ذَاتِهِ، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَسُلَيْمٌ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَخَيَالُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ مَجْلُوبُ الْعِلَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute