للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِقْصَاءَ عَنْ الْمُخَصِّصِ أَوْجَبَ الْبَحْثَ عَنْ الْمُقْتَضَى بِحَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَجَازِ. وَهَكَذَا جَعَلَ الْهِنْدِيُّ خِلَافَ الصَّيْرَفِيِّ قَبْلَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ.

قَالَ: فَإِنْ حَضَرَ وَقْتُهُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ إجْمَاعًا لَكِنْ مَعَ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ عِنْدَ جَمْعٍ كَالْقَاضِي، وَمَعَ ظَنِّهِ عِنْدَ آخَرِينَ كَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَابْنِ سُرَيْجٍ وَالْغَزَالِيِّ وَهُوَ الْأَوْلَى، انْتَهَى. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ وَالْجُمْهُورَ أَطْلَقُوا النَّقْلَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ أَمْ لَا، وَنَقْلُهُ الْإِجْمَاعَ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَقِيمُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إذَا حَضَرَ وَقْتُ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ، فَقَدْ يَقْطَعُ الْمُكَلَّفُ بِمُقْتَضَى الْعُمُومِ لِقَرَائِنَ تَتَوَفَّرُ عِنْدَهُ، فَيَصِيرُ الْعَامُّ كَالنَّصِّ، وَقَدْ لَا يَقْطَعُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الْقَرَائِنِ الْمُفِيدَةِ لِلْقَطْعِ، بَلْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ الْعُمُومُ فَيَعْمَلُ بِنَاءً عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ كَمَا فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ.

[الْمَذَاهِبُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْبَحْثُ عَنْ مُخَصِّصٍ]

الْأَمْرُ الْخَامِسُ: إذَا أَوْجَبْنَا الْبَحْثَ عَنْ الْمُخَصِّصِ فَاخْتُلِفَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْبَحْثُ عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ حَكَاهَا فِي " الْمُسْتَصْفَى ".

أَحَدِهَا: يَكْفِيهِ أَدْنَى نَظَرٍ وَبَحْثٍ كَاَلَّذِي يَبْحَثُ عَنْ مَتَاعٍ فِي بَيْتٍ وَلَا يَجِدُهُ، فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهُ.

وَالثَّانِي: يَكْفِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِالِانْتِفَاءِ عِنْدَ الِاسْتِقْصَاءِ فِي الْبَحْثِ.

وَالثَّالِثِ: لَا بُدَّ مِنْ اعْتِقَادٍ جَازِمٍ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ، وَلَا يَكْفِي الظَّنُّ.

وَرَابِعِهَا: لَا بُدَّ مِنْ الْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْأَدِلَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقَاضِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>