مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا يَقَعُ مِنْهُ إلَّا عَلَى أَكْمَلِ وُجُوهِهِ، كَذَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ "، وَرَدَّ بِهِ قَوْلَ مَنْ قَالَ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ دُونَ بَلَدِهِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ.
[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِيمَا وَقَعَ مِنْ الْأَفْعَالِ لِلْبَيَانِ]
ِ] إذَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلًا لِبَيَانٍ، دَخَلَ فِي ذَلِكَ هَيْئَةُ الْفِعْلِ، وَأَمَّا الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فَإِنَّمَا يَدْخُلَانِ حَيْثُ يَلِيقُ دُخُولُهُمَا، كَمَا فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَقِيلَ: إنَّ تَكْرِيرَهُ لِلْفِعْلِ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَكَان وَاحِدٍ، يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ مَا وَقَعَ فِيهِ. وَقَدْ سَبَقَتْ فِي مَبَاحِثِ الْبَيَانِ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْلُ النَّبِيِّ وَفِعْلُهُ الْمُوَافِقَانِ لِلْقُرْآنِ هَلْ هُمَا بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ أَوْ بَيَانُ حُكْمٍ مُبْتَدَأٍ]
مَسْأَلَةٌ [قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ الْمُوَافِقَانِ لِلْقُرْآنِ هَلْ هُمَا بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ أَوْ بَيَانُ حُكْمٍ مُبْتَدَأٍ] نَقَلَ السَّرَخْسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَصْحَابِهِمْ أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَوْلَهُ مَتَى وَرَدَ مُوَافِقًا لِلْقُرْآنِ، يُجْعَلُ صَادِرًا عَنْ الْقُرْآنِ وَبَيَانًا لِمَا فِيهِ. قَالَ: وَالشَّافِعِيَّةُ يَجْعَلُونَهُ بَيَانَ حُكْمٍ مُبْتَدَأٍ، حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا قُلْنَا: بَيَانُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّيَمُّمَ فِي حَقِّ الْجُنُبِ صَادِرٌ عَمَّا فِي الْقُرْآنِ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَوْ لامَسْتُمُ} [النساء: ٤٣] الْجِمَاعُ دُونَ الْمَسِّ بِالْيَدِ، وَهُمْ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ بَيَانَ حُكْمٍ مُبْتَدَأٍ، وَيَحْمِلُونَ قَوْلَهُ: {أَوْ لامَسْتُمُ} [النساء: ٤٣] عَلَى الْمَسِّ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَمَّا فِي الْقُرْآنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شُرِعَ فِي الْحُكْمِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute