الْمَاضِي وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعُقُوبَةِ الْآخِرَةِ. وَمُرَادُ الْأُصُولِيِّينَ الْعِقَابُ الْأُخْرَوِيُّ زِيَادَةٌ عَلَى عِقَابِ الْكُفْرِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمُطَالَبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ فَاسِدَةٌ أَوْقَعَهُمْ فِيهَا قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ: فَائِدَتُهُ مُضَاعَفَةُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ. وَلَمْ يُرِيدُوا بِهِ أَنَّهُ لَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ إلَّا فِي الْآخِرَةِ، بَلْ هُوَ جَوَابٌ عَمَّا الْتَزَمَ الْخَصْمُ فِي مَسَائِلَ خَاصَّةٍ لَا تَظْهَرُ لِلْخِلَافِ فِيهَا فَائِدَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ كَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ الْأَمْرُ الْخَاصُّ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْفَائِدَةِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ فَرَّعُوا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَحْكَامًا كَثِيرَةً تَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا: وَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ فِي الْجَمْعِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ التَّخْرِيجُ أَصْلًا لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا غَيْرُ مُرَادِ ثَمَّ.
[التَّنْبِيهُ الثَّانِي هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]
[التَّنْبِيهُ] الثَّانِي
[هَلْ يُخَاطَبُ الْكَافِرُ بِالْفُرُوعِ]
زَعَمَ الشَّيْخَانِ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فِي كِتَابِهِ وَأَبُو إِسْحَاقَ فِي " شَرْحِ اللُّمَعِ "، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ السِّيَرِ مِنْ " النِّهَايَةِ "، وَوَالِدُهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي " الْفُرُوقِ "، وَأَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ "، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ "، وَالْإِمَامُ فِي " الْمَحْصُولِ "، وَغَيْرُهُمْ: هَلْ الْخِلَافُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ لِأَجْلِ إخْلَالِهِ بِالشَّرْعِيَّاتِ أَمْ لَا؟ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْفِعْلُ حَالَ الْكُفْرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ قَضَاءً مِنْهُ لِكُفْرِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ إذَا أَسْلَمَ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " أَيْضًا عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى، فَقَالَ: فَائِدَةُ الْخِلَافِ: أَنَّ مَنْ قَالَ. بِالْخِطَابِ قَالَ: يَسْتَحِقُّونَ الذَّمَّ مِنَّا وَالْعِقَابَ مِنْهُ تَعَالَى عَلَى الْإِخْلَالِ بِهَا، كَمَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ بِالْإِخْلَالِ بِالْإِيمَانِ، وَمَنْ قَالَ: لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute