للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ " شَارِحُ الْمَحْصُولِ ": الْعِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ تَتَقَدَّمُ عَلَى مَعْلُولِهَا بِالذَّاتِ لَا بِالزَّمَانِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعْقُولِ. وَالشَّرْطُ مَعَ الْمَشْرُوطِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ الْمُؤَثِّرِ، فَإِذَا وُجِدَ وُجِدَ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ، وَالْمُؤَثِّرُ التَّامُّ يُقَارِنُهُ وُجُودُ الْأَثَرِ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ، فَإِنَّ الْمُؤَثِّرَ الشَّرْعِيَّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُؤَثِّرِ الْعَقْلِيِّ، وَذَلِكَ لِمُطَابَقَةِ الشَّرِيعَةِ الْحَقِيقَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُمَا مَعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَرَتُّبِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَقِبَهُ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْأَصَحِّ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ لَا يَلْزَمُ فِي الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ أَنْ يَكُونَ اللُّزُومُ بَيْنَهُمَا ضَرُورِيًّا بِالْعَقْلِ]

[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَا يَلْزَمُ فِي الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ أَنْ يَكُونَ اللُّزُومُ بَيْنَهُمَا ضَرُورِيًّا بِالْعَقْلِ، بَلْ تَكْفِي الْمُلَازَمَةُ بِالْوَضْعِ، فَإِذَا قُلْت: إنْ جَاءَ زَيْدٌ أَكْرَمْته، فَهَذَا لَازِمٌ بِالْوَضْعِ، أَيْ وَضْعِ الْمُتَكَلِّمِ، وَلَيْسَ بِالضَّرُورَةِ الْإِكْرَامُ لَازِمًا لِلْمَجِيءِ، وَكَلَامُ ابْنِ خَرُوفٍ مِنْ النَّحْوِيِّينَ يَقْتَضِي اللُّزُومَ الْعَقْلِيَّ؛ فَإِنَّهُ قُدِّرَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ} [النمل: ١٢] أَنَّ الْمَعْنَى: وَأَخْرِجْهَا، تَخْرُجُ وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إدْخَالِهَا خُرُوجُهَا، وَ " تَخْرُجْ " مَجْزُومٌ عَلَى الْجَوَابِ، فَاحْتَاجَ أَنْ يُقَدِّرَ جَوَابًا لَازِمًا وَشَرْطًا مَلْزُومًا حَذْفًا، لِأَنَّهُمَا نَظِيرَا مَا أَثْبَتَ لَكِنْ وَقَعَ فِي تَقْدِيرِ مَا لَا يُفِيدُ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَهَا تَدْخُلُ. وَالصَّوَابُ - وَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّائِغِ مِنْ النَّحْوِيِّينَ - أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْإِدْخَالَ سَبَبٌ فِي خُرُوجِهَا بَيْضَاءَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَيْضًا مِنْ إخْرَاجِهَا أَنْ تَخْرُجَ بَيْضَاءَ لُزُومًا ضَرُورِيًّا إلَّا بِضَرُورَةِ صِدْقِ الْوَعْدِ؟

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ الْحُكْمَ هُوَ الْجَزَاءُ وَحْدَهُ وَالشَّرْطُ قَيْدٌ بِمَنْزِلَةِ الظَّرْفِ وَالْحَالِ]

[الْمَسْأَلَةُ] الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْجَزَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>