[إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]
مَسْأَلَةٌ [إنْزَالُ الْقُرْآنِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ]
وَأَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلُغَةِ الْعَرَبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤] وَأَوْرَدَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ سُؤَالًا حَسَنًا، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مَبْعُوثًا إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَبْعُوثًا بِلِسَانِهِمْ. أَمَّا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَبْعُوثٌ إلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ، فَلِمَ صَارَ مَبْعُوثًا بِلِسَانِ بَعْضِهِمْ؟ أَجَابَ: بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَبْعُوثًا بِلِسَانِ جَمِيعِهِمْ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْعُرْفِ وَالْمَعْهُودِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيَبْعُدُ بَلْ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَرِدَ كُلُّ كَلِمَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ مُكَرَّرَةً بِكُلِّ الْأَلْسِنَةِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ بِلِسَانِ بَعْضِهِمْ، وَكَانَ اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ أَحَقَّ مِنْ كُلِّ لِسَانٍ، لِأَنَّهُ أَوْسَعُ وَأَفْصَحُ، وَلِأَنَّهُ لِسَانُ أَوْلَى بِالْمُخَاطَبِينَ.
قَالَ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ مَالِكٍ: وَنَزَلَ بِلُغَةِ الْحِجَازِيِّينَ إلَّا قَلِيلًا، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلُغَةِ التَّمِيمِيِّينَ فَمِنْ الْقَلِيلِ إدْغَامٌ {وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٤] فِي سُورَةِ الْحَشْرِ {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [المائدة: ٥٤] فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ نَافِعٍ وَابْنِ عَامِرٍ فَإِنَّ الْإِدْغَامَ فِي الْمَجْزُومِ وَالْأَمْرَ الْمُضَاعَفَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالْفَكُّ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَكَذَلِكَ نَحْوُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute