للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضِدَّانِ بِعِلْمٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَمْعِ النَّقِيضَيْنِ، وَأَمَّا أَبُو الْحَسَنِ الْبَاهِلِيُّ أُسْتَاذُ الْقَاضِي فَإِنَّهُ اخْتَارَ تَعَلُّقَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ بِمَعْلُومَاتٍ، وَمَنَعَهُ فِي النَّظَرِيَّاتِ.

[مَسْأَلَةٌ هَلْ يُقَارِنُ الْعِلْمُ بِالْجُمْلَةِ الْجَهْلَ بِالتَّفْصِيلِ]

يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ فِي الْجُمْلَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يُقَارِنُ الْعِلْمُ بِالْجُمْلَةِ الْجَهْلَ بِالتَّفْصِيلِ؟ فَرَآهُ الْقَاضِي مُقَارِنًا لَهُ، وَلَمْ يَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ كَوْنَ هَذَا الْعَرْضِ عَرْضًا، وَنَجْهَلُ كَوْنَهُ سَوَادًا. وَتَارَةً يُعْلَمُ كَوْنُهُ عَرَضًا وَنَعْلَمُ كَوْنَهُ سَوَادًا، فَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْعِلْمِ بِالْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ الْجَهْلُ بِالْوَصْفِ الْحَاضِرِ.

قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَمِنْ هَذَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ مَا أَطْلَقَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَسْتَرْسِلُ عِلْمُهُ عَلَى مَا لَا يَتَنَاهَى مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ بِتَفَاصِيلِ آحَادِهِ. قَالَ: وَدِدْت لَوْ مَحَوْته بِدَمِي، وَفِي نُسْخَةٍ: بِمَاءِ عَيْنِي، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَظَنُّوا أَنَّ الْإِمَامَ يُوَافِقُ الْفَلَاسِفَةَ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ، وَهَذَا سُوءُ فَهْمٍ عَنْ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَهُ وَيَتَحَاشَى عَنْهُ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ الْعِلْمَ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يَتَنَاهَى تَعَلُّقًا إجْمَالِيًّا أَوْ تَفْصِيلِيًّا؟ . فَهُوَ يَقُولُ: كَمَا أَنَّ مَا لَا يَتَنَاهَى لَا يَدْخُلُ فِي الْوُجُودِ، كَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِلْمُ التَّفْصِيلِيُّ، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الِاسْتِحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي الْعِلْمِ لَكَانَ إمَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ الْمَعْلُومَاتِ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فَقَدْ تَنَاهَى، وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ. وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>