قَوْلُهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] . وَفِيهِ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَى لَفْظِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمُعَاقَبَةٍ، وَمِنْهُ: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٥] وَيَجُوزُ جَعْلُهُ مِنْ الْمُشَابَهَةِ. وَجَعَلَ صَاحِبُ " الْمَثَلِ السَّائِرِ " مِنْ هَذَا الْقِسْمِ قَوْلَهُمْ، الْجَوْنُ لِلْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ، وَهُوَ وَهَمٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اشْتِرَاكٌ كَالنَّاهِلِ، لِلرَّيَّانِ وَالظَّمْآنِ لَا أَنَّهُ مَجَازٌ، وَإِذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَلَاقَةَ فِي إطْلَاقِ اسْمِ أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لَيْسَ هُوَ اللُّزُومَ الذِّهْنِيَّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى امْتِنَاعِ إطْلَاقِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ، بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ بِتَنْزِيلِ الْمُقَابِلِ مَنْزِلَةَ الْمُنَاسِبِ بِوَاسِطَةِ تَمْلِيحٍ أَوْ تَهَكُّمٍ كَمَا فِي إطْلَاقِ الشُّجَاعِ عَلَى الْجَبَانِ، أَوْ تَفَاؤُلٍ كَمَا فِي إطْلَاقِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى، أَوْ مُشَاكَلَةٍ كَمَا فِي إطْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى جَزَاءِ السَّيِّئَةِ.
[الْعَلَاقَةُ الْخَامِسَةُ الْكُلِّيَّةُ]
ُ: وَهِيَ إطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [نوح: ٧] أَيْ، أَنَامِلَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضَعُ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنِهِ، وَقَوْلُهُ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: ٢٢] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٣] أَيْ أَعْيُنٌ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ بِالْعَيْنِ لَا بِالْوَجْهِ، وَجَعَلَ مِنْهُ ابْنُ جِنِّي قَوْلَك: مَا فَعَلَ زَيْدٌ؟ فَيُقَالُ الْقِيَامُ، وَالْقِيَامُ إنَّمَا هُوَ جِنْسٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute