الْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ: بِالتَّعْلِيقِ يَنْعَقِدُ سَبَبُهُ، وَعِنْدَ الصِّفَةِ تَعَذَّرَ إنْشَاؤُهُ وَيُجْعَلُ كَالنَّازِلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَقُولُونَ: إنَّ التَّعْلِيقَ الْمُتَقَدِّمَ هُوَ الْعِلَّةُ فَيُؤَثِّرُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وَيَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا أَنَّ الطَّبَقَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ كَذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ الْآنَ، وَإِنَّمَا يَتَأَخَّرُ مَصْرِفُهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا يَصِيرُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ إذَا انْقَرَضَ مِنْ قَبْلِهِ وَلَعَلَّ خِلَافَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ. وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ مَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاةِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى فَهَلْ نَقُولُ: إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؟ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقَالَ بِهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لِأَنَّ أَهْلَ الشَّيْءِ هُوَ الْمُسْتَقِرُّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ.
أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا» ؟ فَكَذَلِكَ يَقُولُ: إنَّ مِنْ شَرْطِ اسْمِ الْوَقْفَ الِاسْتِحْقَاقُ.
[التَّنْبِيهُ] الثَّانِي
لَيْسَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ " لَا حُكْمَ لِلْأَشْيَاءِ قَبْلَ الشَّرْعِ " تَنَاقُضٌ، كَمَا قَدْ يَظُنُّ، فَإِنَّهُ إنْ فَسَّرَ لَا حُكْمَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ فَسَّرَ بِعَدَمِ الْحُكْمِ، فَكَذَلِكَ، لِأَنَّا نَقُولُ: دَالُّ الْحُكْمِ فِي الْأَزَلِ وَتَعَلُّقُهُ بِالْمُكَلَّفِ مَوْقُوفٌ عَلَى وُجُودِ بَعْثَةِ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - فَمَعْنَى لَا حُكْمَ لِلْأَشْيَاءِ قَبْلَ الشَّرْعِ: أَيْ لَا تَعَلُّقَ لِلْأَمْرِ فَلَا تَنَاقُضَ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ]
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْحُرِّيَّةُ بَلْ يُدَخِّلُ الْعَبِيدُ فِي الْخِطَابِ الْعَامِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute