بِوَضْعِ الْمُرَكَّبَاتِ هَذَا الْمَعْنَى فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَمَمْنُوعٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْمَجَازَ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْمُرَكَّبَاتِ أَمْ لَا؟ وَأَنَّهُ هَلْ يَشْتَرِطُ الْعِلَاقَةَ فِي الْآحَادِ أَمْ لَا؟ وَحَقِيقَةُ هَذَا الْخِلَافِ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْكَلَامِ الْمُرَكَّبِ عَلَى مَعْنَاهُ هَلْ هِيَ عَقْلِيَّةٌ كَدَلَالَةِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ وَرَاءِ الْحَائِطِ عَلَى أَنَّهُ إنْسَانٌ أَوْ وَضْعِيَّةٌ؟
[الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ]
تَنْبِيهٌ [الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ مَوْضُوعَانِ]
لَمْ أَرَ لَهُمْ كَلَامًا فِي الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَوْضُوعَانِ، لِأَنَّهُمَا مُفْرَدَانِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حَدُّهُمْ لِلْمُفْرَدِ، وَلِهَذَا عَامَلُوا جُمُوعَ التَّكْسِيرِ مُعَامَلَةَ الْمُفْرَدِ فِي الْأَحْكَامِ. لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ مَالِكٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَدِّهَا بِأَنَّهُمَا غَيْرُ مَوْضُوعَيْنِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيِهِ فِي عَدَمِ وَضْعِ الْمُرَكَّبَاتِ، لِأَنَّهُ لَا تَرْكِيبَ فِيهَا لَا سِيَّمَا أَنَّ الْمُرَكَّبَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ الْإِسْنَادُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي أَسْمَاءِ الْجُمُوعِ وَالْأَجْنَاسِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مُتَعَدِّدٍ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ وَضْعِهِ عَجِيبٌ، لِأَنَّ أَكْثَرَهُ سَمَاعِيٌّ.
وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مَالِكٍ بِأَنَّ شَفْعًا وَنَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اثْنَيْنِ مَوْضُوعٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْجُوَيْنِيِّ: الظَّاهِرُ لِي أَنَّ التَّثْنِيَةَ وُضِعَ لَفْظُهَا بَعْدَ الْجَمْعِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى الْجَمْعِ كَثِيرًا، وَلِهَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي سَائِرِ اللُّغَاتِ تَثْنِيَةٌ، وَالْجَمْعُ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ لُغَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، لِأَنَّ الْوَاضِعَ قَالَ: الشَّيْءُ إمَّا وَاحِدٌ وَإِمَّا كَثِيرٌ لَا غَيْرُ، فَجَعَلَ الِاثْنَيْنِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute