[فَائِدَةٌ الْمُنْكِرِينَ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ]
فَائِدَةٌ الْغَزَالِيِّ مِنْ الْمُنْكِرِينَ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَرَأَى مُوَافَقَتَهُ لِلشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ النَّفَقَةِ لِغَيْرِ الْحَامِلِ، مَعَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ عُمْدَتُهُ فِيهِ مَفْهُومُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] . قَالَ: إنَّ عَدَمَ النَّفَقَةِ لَيْسَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَفْهُومِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ انْقِطَاعَ مِلْكِ النِّكَاحِ يُوجِبُ سُقُوطَ النَّفَقَةِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. وَالْحَامِلُ هِيَ الْمُسْتَثْنَى فَنَفْيُ غَيْرِ الْحَامِلِ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ، فَانْتَفَتْ نَفَقَتُهَا لَا بِالشَّرْطِ، لَكِنْ بِانْتِفَاءِ النِّكَاحِ الَّذِي كَانَ عِلَّةَ النَّفَقَةِ. وَهَذَا نَظِيرُ امْتِنَاعِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ الْحُرَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ تَخْصِيصًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمٌ أَصْلِيٌّ لَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَلَا يَصْلُحُ تَخْصِيصًا، لِأَنَّ الْمُخَصَّصَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا شَرْعِيًّا، لَا عَدَمًا أَصْلِيًّا، فَهُمَا وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْحُكْمِ لَكِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَخْذِ. وَفِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَصَّصًا وَلَا نَاسِخًا يَبْقَى الْجَوَازُ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦] {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: ٤] {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] فَإِنْ لَمْ يُفْهَمُ مَدْلُولُهُ عَلَى ثُبُوتِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ قَبْلَ هَذِهِ الشُّرُوطِ ثَبَتَ الْحُكْمُ عَلَى الْعَدَمِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute