للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ السُّلْطَانَ مُجْمَلٌ، يَحْتَمِلُ الْحُجَّةَ وَالدِّيَةَ وَالْقَوَدَ، وَيَحْتَمِلُ الْجَمِيعَ، لَا جَرَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يُخَيِّرُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْكُلَّ بِالْإِضَافَةِ إلَى اللَّفْظِ سَوَاءٌ. قَالَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي " أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ". .

[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَالُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْإِفْرَادِ أَوْ التَّرْكِيبِ]

ِ وَالْأَوَّلُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بِتَعْرِيفِهِ كَلَفْظَةِ: " قَالَ " مِنْ الْقَيْلُولَةِ، وَالْقَوْلِ. " وَكَالْمُخْتَارِ " فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. يُقَالُ: اخْتَرْت فُلَانًا فَأَمَّا مُخْتَارٌ، وَهُوَ مُخْتَارٌ. قَالَ الْعَسْكَرِيُّ: وَيَفْتَرِقَانِ تَقُولُ: فِي الْفَاعِلِ، مُخْتَارٌ لِكَذَا، وَفِي الْمَفْعُولِ مُخْتَارٌ مِنْ كَذَا. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ، يُضَارِرُ - بِفَتْحِ الرَّاءِ أَوْ بِكَسْرِهَا - وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا. وَمِثْلُهُ {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: ٢٣٣] فِي احْتِمَالِ الْوَجْهَيْنِ، قَالَهُ الْعَبْدَرِيّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى ".

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِأَصْلِ وَضْعِهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَعَانِيهِ مُتَضَادَّةً، كَ " الْقُرْءِ " لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ. وَ " النَّاهِلِ " لِلْعَطْشَانِ وَالرَّيَّانِ، وَ " الشَّفَقِ " لِلْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ؛ وَإِمَّا مُتَشَابِهَةً: " كَالْفَرَسِ " لِلْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ، وَالصُّورَةِ الَّتِي تُرْسَمُ عَلَى مِثَالِهِ. أَوْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ: " كَالْعَيْنِ " لِلْعُضْوِ الْبَاصِرِ، وَيَنْبُوعِ الْمَاءِ. وَإِنْ شِئْت: قُلْت: إمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ مَعَانِيَ كَثِيرَةً بِحَسَبِ خُصُوصِيَّاتِهَا فَهُوَ الْمُشْتَرَكُ، وَإِمَّا بِحَسَبِ مَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا وَهُوَ الْمُتَوَاطِئُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] .

وَقَالَ أَبُو الْعِزِّ الْمُقْتَرِحِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُجْمَلِ وَالْمُشْتَرَكِ أَنَّ الْمُجْمَلَ يَسْتَدْعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>