إلَى الْجَمْعِ؟ قُلْت: اُحْتِيجَ إلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ، لِقَطْعِ احْتِمَالِ التَّخْصِيصِ إلَى الْوَاحِدِ، فَالْجِنْسُ الْعَامُّ الْمُفْرَدُ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّصَ إلَى الْوَاحِدِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْجَمْعِ الْعَامِّ الْجِنْسِ أَنْ يُخَصَّصَ إلَى الْوَاحِدِ؛ بَلْ يَقِفُ جَوَازُ التَّخْصِيصِ عِنْدَ أَقَلِّ ذَلِكَ الْجَمْعِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: الرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرْأَةِ تَفْضِيلٌ لِلْجِنْسِ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَالرِّجَالُ أَفْضَلُ مِنْ النِّسَاءِ تَفْضِيلٌ لِلْجِنْسِ جَمَاعَةً جَمَاعَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِغَرَضٍ يَخُصُّهُ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا فِي النَّفْيِ، فَقَالُوا: إنَّ قَوْله تَعَالَى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] إنَّهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ دُونَ الْجِنْسِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُدْرِكُهُ كُلُّ بَصَرٍ، وَهُوَ سَلْبُ الْعُمُومِ أَعْنِي نَفْيَ الشُّمُولِ، فَيَكُونُ سَلْبًا جُزْئِيًّا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى لَا يُدْرِكُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَبْصَارِ، لِيَكُونَ عُمُومُ السَّلْبِ، أَيْ شُمُولُ النَّفْيِ لِكُلِّ وَاحِدٍ، فَيَكُونُ سَلْبًا كُلِّيًّا، كَمَا أَنَّ الْجَمْعَ الْمُعَرَّفَ بِاللَّامِ فِي الْإِثْبَاتِ لِإِيجَابِ الْحُكْمِ لِكُلِّ فَرْدٍ، فَكَذَلِكَ هُوَ فِي النَّفْيِ لِسَلْبِ الْحُكْمِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: ٣١] {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ٣٢] {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المنافقون: ٦] وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِجِوَارِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لِلْجِنْسِ، وَالْجِنْسُ فِي النَّفْيِ يَعُمُّ، وَبِأَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى تَعُمُّ الْأَحْوَالَ وَالْأَوْقَاتِ، وَبِأَنَّ الْإِدْرَاكَ بِالْبَصَرِ أَخَصُّ مِنْ الرُّؤْيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيُهَا.
[اسْمُ الْجَمْعِ إذَا دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ]
وَأَمَّا اسْمُ الْجَمْعِ إذَا دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute