الْكَبَائِرِ، حَتَّى يَتَوَقَّى مَعَ ذَلِكَ لِمَا يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَغِيرَةً كَالضَّرْبِ الْخَفِيفِ، وَتَطْفِيفِ الدَّانِقِ وَنَحْوِهِ.
[الثَّالِثُ مَجْهُولُ الْعَيْنِ]
ِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ، فَالصَّحِيحُ لَا يُقْبَلُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الرَّاوِي مَزِيدًا عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ كَابْنِ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، فَاكْتَفَيْنَا فِي التَّعْدِيلِ بِوَاحِدٍ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مَشْهُورًا فِي غَيْرِ الْعِلْمِ بِالزُّهْدِ وَالنَّجْدَةِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقِيلَ: إنْ زَكَّاهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ رِوَايَتِهِ وَأَخَذَهُ عَنْهُ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ الْمُحَدِّثِ، صَاحِبِ كِتَابِ " الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ ". قَالَ الْخَطِيبُ: وَأَقَلُّ مَا تَرْتَفِعُ بِهِ الْجَهَالَةُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْعَدَالَةِ بِرِوَايَتِهِمَا عَنْهُ، وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ وَغَيْرِهِ. قُلْت: وَظَاهِرُ تَصَرُّفِ ابْنِ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِهِ وَصَحِيحِهِ: " " ارْتِفَاعُ الْجَهَالَةِ بِرِوَايَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّسَائِيّ أَيْضًا، وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: ذَهَبَ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا رَوَى عَنْهُ وَاحِدٌ فَقَطْ فَهُوَ مَجْهُولٌ، وَإِذَا رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فَهُوَ مَعْلُومٌ انْتَفَتْ عَنْهُ الْجَهَالَةُ. قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْأُصُولِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَرْوِي الْجَمَاعَةُ عَنْ الرَّجُلِ لَا يَعْرِفُونَ، وَلَا يُخْبِرُونَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ، وَيُحَدِّثُونَ بِمَا رَوَوْا عَنْهُ، وَلَا تُخْرِجُهُ رِوَايَتُهُمْ عَنْهُ عَنْ الْجَهَالَةِ إذَا لَمْ يَعْرِفُوا عَدَالَتَهُ. قُلْت: مُرَادُ الْمُحَدِّثِينَ ارْتِفَاعُ جَهَالَةِ الْعَيْنِ لَا الْحَالِ، وَعُمْدَتُهُمْ أَنَّ رِوَايَةَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ التَّرْجَمَةِ فِي الشَّهَادَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute