للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عَهْدِهِ، وَجَبَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفِعْلِ عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ لَمْ تَكُنْ مُقَرَّرَةً.

[الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ مُخَصِّصٍ]

[مَذْهَبُ الصَّيْرَفِيِّ فِي الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ مُخَصِّصٍ] وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ الصَّيْرَفِيِّ فِي كِتَابِ " الدَّلَائِلِ " الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ مَا سُمِعَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْعَامِّ مُخَاطَبًا بِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ لِلْمُخَاطَبِينَ، لِيَصِلُوا إلَى عِلْمِ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَأَمَّا السَّاعَةَ فَقَدْ تَكَامَلَ الدِّينُ، وَثُبُوتُ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، فَلَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ آيَةً مِنْ الْعَامِّ الْعَمَلُ بِهَا حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَيَعْرِفَ حُكْمَهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَبْحَثُ وَلَهُ أَنْ يَبْحَثَ فَقَدْ أَتَى بِمَا يُمْكِنُهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا اعْتِقَادُ مَا سَمِعَهُ إذْ قَدْ بَلَغَ مَا يُمْكِنُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَيْسَ لِلْعِلْمِ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا، حَتَّى لَا يَفُوتَهُ مِنْهَا شَيْءٌ.

وَاخْتَارَ قَوْمٌ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى وَقْتِ التَّقْيِيدِ؛ وَقَالَ قَوْمٌ: عَلَى مَنْ سَمِعَ شَيْئًا وَحَصَلَ فِي يَدَيْهِ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ أَوْ نَهْيُ اعْتِقَادِ مَا سَمِعَ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاَلَّذِي أَقُولُهُ: إنَّ كُلَّ آيَةٍ أَوْ سُنَّةٍ خَاطَبَ اللَّهُ بِهَا أَوْ رَسُولُهُ مُوَاجِهًا بِهَا مَنْ يُخَاطِبُ آمِرًا أَوْ نَاهِيًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُكْمُهُ فِي تِلْكَ مَرْفُوعٌ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ آمِرًا بِشَيْءٍ، حُكْمُهُ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ؛ وَهُوَ مُحَالٌ فِي صِفَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُوَاجِهَ رَجُلًا آمِرًا لَهُ بِشَيْءٍ أَوْ نَاهِيًا عَنْهُ بِاسْمٍ عَامٍّ وَوَقْتُ بَيَانِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>