للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تَنْبِيهٌ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ]

سَبَقَ فِي بَابِ التَّخْصِيصِ تَفْرِيقُ بَعْضِهِمْ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ التَّخْصِيصَ يَرْفَعُ بَعْضَ الْحُكْمِ، وَالنَّسْخَ يَرْفَعُ الْكُلَّ. وَهُوَ ضَعِيفٌ، بَلْ قَدْ يَكُونُ النَّسْخُ رَافِعًا لِلْبَعْضِ، لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا أَثْبَتَ الْحُكْمَ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الْعَامِّ، ثُمَّ رَفَعَ بَعْضَهُ يَكُونُ نَسْخًا لِذَلِكَ الْبَعْضِ، كَمَا يُنْسَخُ الْكُلُّ. وَمَثَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِالْعَرَايَا. وَإِنْ كَانَ الْأَصْحَابُ جَعَلُوهُ مِنْ التَّخْصِيصِ، لِأَنَّ نَهْيَهُ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ عَامٌّ، ثُمَّ رَفَعَ بَعْضَهُ بِالْعَرَايَا، وَقَوْلُهُ: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» إيرَادٌ عَلَى عُمُومِهِ تَمْرًا أَوْ غَيْرَ تَمْرٍ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ إبَاحَةُ الْعَرَايَا نَسْخًا لِذَلِكَ الْبَعْضِ، لَا تَخْصِيصًا، لِأَنَّ التَّخْصِيصَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ، وَلَا يَكُونُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ إرَادَةِ اللَّافِظِ ابْتِدَاءً، وَبِهِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>