لَوَجَبَ اسْتِرْسَالُهُ عَلَى عَدَمِ الْعُمُومِ. وَقِيلَ: قَطْعُ حُكْمٍ تُوُهِّمَ دَوَامُهُ. قِيلَ: وَهَذَا أَصْلُ الْعِبَارَاتِ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا قَبْلَ الْعَمَلِ وَبَعْدَهُ. اهـ.
وَالْحَدُّ الثَّانِي حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَضَعَّفَهُ بِأَنَّ النَّسْخَ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الْأُمِّ ": النَّاسِخُ مِنْ الْقُرْآنِ الْأَمْرُ نَزَّلَهُ اللَّهُ بَعْدَ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ، كَمَا حُوِّلَتْ الْقِبْلَةُ. وَقَالَ فِي " الرِّسَالَةِ ": وَهَكَذَا كُلُّ مَا نَسَخَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهِيَ نَسْخُهُ تَرْكَ فَرْضِهِ، وَكَانَ حَقًّا فِي وَقْتِهِ، وَتَرْكُهُ حَقٌّ إذَا نَسَخَهُ، فَيَكُونُ مَنْ أَدْرَكَ فَرْضَهُ مُطِيعًا بِاتِّبَاعِ الْفَرْضِ النَّاسِخِ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي النَّسْخِ عِنْدَنَا هُوَ أَنْ يَأْمُرَ بِأَمْرٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ، وَيُرِيدُ مِنْهُ بَعْضَهَا وَلَا يَكْشِفُ ذَلِكَ. ثُمَّ يَأْمُرُ بِأَمْرٍ ثَانٍ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْأَزْمِنَةِ. قَالَ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ عَلَى هَذَا، إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ التَّخْصِيصَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَرِنًا مَعَ الْأَمْرِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي النَّسْخِ. انْتَهَى. وَالْحَقُّ أَنَّ النَّسْخَ لِلْحُكْمِ كَالْفَسْخِ لِلْعَقْدِ، كَالْكَسْرِ لِلصَّحِيحِ، وَالْخِلَافُ فِي أَنَّ الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ حِينِهِ لَا يَجِيءُ هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute