الْمُكَلَّفِ أَوْ جُنُونِهِ لَيْسَ بِنَسْخٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سُقُوطُ التَّكْلِيفِ جُمْلَةً.
الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْمَرْفُوعُ مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ يَقْتَضِي دُخُولُهُ زَوَالَ الْمُغَيَّا بِغَايَةٍ، فَلَا يَكُونُ نَسْخًا عِنْدَ وُجُودِهَا.
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ أَقْوَى مِنْ الْمَنْسُوخِ أَوْ مِثْلَهُ، فَإِنْ كَانَ أَضْعَفَ مِنْهُ لَمْ يَنْسَخْهُ، لِأَنَّ الضَّعِيفَ لَا يُزِيلُ الْقَوِيَّ. قَالَ إِلْكِيَا: وَهَذَا مِمَّا قَضَى بِهِ الْعَقْلُ، بَلْ دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَنْسَخُوا نَصَّ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
السَّادِسُ: وَذَكَرَهُ إِلْكِيَا أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَضَى بِالْمَنْسُوخِ غَيْرَ الْمُقْتَضَى بِالنَّاسِخِ، حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْبَدَاءُ. قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ بِالِاتِّفَاقِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ النَّاسِخُ مُتَنَاوِلًا لِمَا تَنَاوَلَهُ الْمَنْسُوخُ، أَعْنِي التَّكْرَارَ وَالْبَقَاءَ، إذْ لَا يُمْنَعُ فَهْمُ الْبَقَاءِ بِدَلِيلٍ آخَرَ سِوَى اللَّفْظِ، وَمِنْ هُنَا يُفَارِقُ التَّخْصِيصَ.
السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ نَسْخًا، مَعَ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا. فَلَا يَدْخُلُ النَّسْخُ أَصْلَ التَّوْحِيدِ بِحَالٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَكَذَا مَا عُلِمَ بِالنَّصِّ أَنَّهُ يَتَأَبَّدُ وَلَا يَتَأَقَّتُ فَلَا يَدْخُلُهُ نَسْخٌ، كَشَرِيعَتِنَا هَذِهِ. قَالَ سُلَيْمٌ: وَكُلُّ مَا لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ. وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا نَسْخَ فِي الْأَخْبَارِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا عَلَى خِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ. وَكَذَا قَالَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ. وَقَالَ: الضَّابِطُ فِيمَا يُنْسَخُ مَا يَتَغَيَّرُ حَالُهُ مِنْ حُسْنٍ لِقُبْحٍ. .
[نَسْخِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالتَّأْبِيدِ]
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي جَوَازِ نَسْخِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِالتَّأْبِيدِ وَجْهَيْنِ، حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا: أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ صَرِيحَ التَّأْبِيدِ مَانِعٌ مِنْ احْتِمَالِ النَّسْخِ. قَالَ: وَأَشْبَهَهُمَا الْجَوَازُ. قُلْت: وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ إلَى مُعْظَمِ الْعُلَمَاءِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute