وَإِنْ كَانَ الْإِثْبَاتُ خَاصًّا بِمُطْلَقٍ كَانَ النَّفْيُ لِذَلِكَ الْمُطْلَقِ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ عَنْ الْمُطْلَقِ انْتِفَاؤُهُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمُطْلَقِ، فَإِذَا قُلْت: قَامَ كُلُّ رَجُلٍ، فَهَذَا إثْبَاتٌ لِقِيَامِ كُلِّ رَجُلٍ، فَإِذَا نَفَيْتَ فَقُلْتَ: مَا قَامَ كُلُّ رَجُلٍ، انْتَفَى الْقِيَامُ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ الرِّجَالِ. وَإِذَا قُلْت: قَامَ رَجُلٌ، فِيهِ إثْبَاتُ قِيَامٍ لِمُطْلَقِ رَجُلٍ. فَإِذَا قُلْت: مَا قَامَ رَجُلٌ، نَفَيْتَ الْقِيَامَ. عَنْ مُطْلَقِ رَجُلٍ، هَذِهِ دَلَالَةُ هَذَا اللَّفْظِ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْقِيَامِ عَنْ مُطْلَقِ رَجُلٍ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي صُورَةٍ مَا مِنْ صُوَرِ الْمُطْلَقِ، فَمَعْنَى الْعُمُومِ لَازِمٌ لَهُ؛ لَا أَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ لِلْعُمُومِ، وَهَذَا لَفْظُهُ.
وَنَازَعَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ التَّبْرِيزِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى مَا ذُكِرَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: مَا قَامَ كُلُّ رَجُلٍ، سَلَبَ الْقِيَامَ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ، وَلَا يَلْزَمُ السَّلْبُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ إذَا سَلَبَ الْجُزْئِيَّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْكُلِّيَّ، نَعَمْ يَكُونُ سَلْبُ الْقِيَامِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ.
[السَّادِسَةُ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إذَا كَانَتْ جَمْعًا]
[النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إذَا كَانَتْ جَمْعًا]
السَّادِسَةُ: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ النَّكِرَةُ الْمَنْفِيَّةُ مُفْرَدَةً، فَإِنْ كَانَتْ جَمْعًا نَحْوُ مَا رَأَيْت رِجَالًا فَفِيهِ قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ "، وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي " التَّلْوِيحِ " فَقَالَ الْقَاضِي هُوَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، كَنَكِرَةِ الْوَاحِدِ بَلْ أَوْلَى.
وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ لَا يَقْتَضِيهِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا} [ص: ٦٢] وَصَحَّحَهُ إلْكِيَا، وَقَالَ: لِأَنَّ الْإِبْهَامَ فِي النَّكِرَةِ اقْتَضَى الِاسْتِغْرَاقَ، وَإِذَا ثُنِّيَ أَوْ جُمِعَ زَالَ مَعْنَى الْإِبْهَامِ، وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: مَا رَأَيْت رِجَالًا، وَإِنَّمَا رَأَيْت رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute