للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ الْعُلَمَاءُ الْمُجْتَهِدُونَ الْفَسَقَةُ هَلْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ فِي الْإِجْمَاعِ]

ِ؟] فِي اعْتِبَارِ الْوَرَعِ فِي أَهْلِ الْإِجْمَاعِ خِلَافٌ، فَالْفَسَقَةُ بِالْفِعْلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ إذَا بَلَغُوا فِي الْعِلْمِ مَبْلَغَ الْمُجْتَهِدِينَ، هَلْ يُعْتَبَرُ وِفَاقُهُمْ أَوْ خِلَافُهُمْ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَذَهَبَ مُعْظَمُ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ، وَيَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِدُونِهِمْ، وَقَالَ الرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهُوَ قَوْلُ كَافَّةِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ. قَالَ: وَنُقِلَ عَنْ شِرْذِمَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى أَنَّ خِلَافَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ. قُلْت: وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ "؛ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُزِيلُ اسْمَ الْإِيمَانِ، فَيَكُونُ قَوْلُ مَنْ عَدَاهُمْ قَوْلَ بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ لَا كُلِّهِمْ، فَلَا يَكُونُ حُجَّةً، وَإِلَيْهِ مَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَاسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ الْفَاسِقَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ، فَانْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ فِي حَقِّهِ مُشْكِلٌ، وَلَا يُمْكِنُ تَجْزِئَةُ الْإِجْمَاعِ، حَتَّى يَكُونَ حُجَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِي حَقِّهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ إلْكِيَا، وَقَالَ: الْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>