[تَنْبِيهَاتٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ أَقَلِّ الْجَمْعِ]
الْأَوَّلُ: اسْتَشْكَلَ ابْنُ الصَّائِغِ النَّحْوِيُّ، وَالْقَرَافِيُّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ ابْنُ الصَّائِغِ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ: الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرَ الْمَعْنَوِيَّ، فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمْعٌ، لِأَنَّهُ ضَمُّ أَمْرٍ إلَى آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا وَرَدَ لَفْظُ الْجَمْعِ، فَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ؟ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ، وَالْأَكْثَرُ إطْلَاقُ لَفْظِ الْجَمْعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَصَاعِدًا، وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَيَكْفِي فِيهِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِعُثْمَانَ: لَيْسَ الْإِخْوَةُ أَخَوَيْنِ بِلُغَةِ قَوْمِك، وَمُوَافَقَةُ عُثْمَانَ لَهُ، حَيْثُ اسْتَدَلَّ بِغَيْرِ اللُّغَةِ. وَنَصَّ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، مَعَ أَنَّ لِلتَّثْنِيَةِ لَفْظًا وَحَمَلَهُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لا تَخَفْ خَصْمَانِ} [ص: ٢٢] ، لِأَنَّ الْخِطَابَ وَقَعَ لِدَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ اثْنَيْنِ وقَوْله تَعَالَى: {فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} [الشعراء: ١٥] وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ. يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ مَعَكُمْ لَهُمَا وَلِفِرْعَوْنَ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْحَاجِبِ.
وَقَالَ السِّيرَافِيُّ فِي قَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (إنَّنِي مَعَكُمَا) يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ، وَأَيْضًا فَالْمَعْنَى وَأَنَا مَعَكُمْ فِي النُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُشْرِكَهُمَا فِرْعَوْنُ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْقَرَافِيُّ فَأَطْنَبَ فِي إشْكَالِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ: إنَّ لَهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً يُورِدُهُ، وَلَمْ يَتَحَصَّلْ عَنْهُ جَوَابٌ، وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute