للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ، لِأَنَّهُ إنْ فُرِضَ الْخِلَافُ فِي صِيغَةِ الْجَمْعِ الَّذِي هُوَ " ج م ع " امْتَنَعَ إتْيَانُهُ فِي غَيْرِهَا؛ بَلْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ مَجِيئِهِ فِيهِ، بَلْ الْخِلَافُ فِي مَدْلُولِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَدْلُولُهَا مَا يُسَمَّى جَمْعًا، وَصِيَغُ الْجُمُوعِ شَيْئَانِ: جَمْعُ قِلَّةٍ، وَجَمْعُ كَثْرَةٍ، وَاتَّفَقَ النُّحَاةُ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ مَوْضُوعٌ لِلْعَشَرَةِ فَمَا دُونَهَا إلَى الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ عَلَى الْخِلَافِ، وَجَمْعَ الْكَثْرَةِ مَوْضُوعٌ لِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ.

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ، وَتَصْرِيحُهُمْ بِالِاسْتِعَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى الْآخَرِ مَجَازًا، فَإِنَّ جَمْعَ الْكَثْرَةِ مَوْضُوعٌ لِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَ فِيمَا دُونَهَا كَانَ مَجَازًا، وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ لَمْ يَسْتَقِمْ، لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَحَدَ عَشَرَ، وَإِطْلَاقُهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ حِينَئِذٍ مَجَازٌ.

وَالْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ فِي الْمَجَازِ، فَإِنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الْجَمْعِ عَلَى الِاثْنَيْنِ لَا خِلَافَ فِيهِ، إنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً، بَلْ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إطْلَاقِ لَفْظِ الْجَمْعِ وَإِرَادَةِ الْوَاحِدِ مَجَازًا، فَكَيْفَ الِاثْنَانِ؟ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ لِلْعَشَرَةِ فَمَا دُونَهَا، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَهُمْ، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا تَمْثِيلَهُمْ فِي جُمُوعِ الْكَثْرَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ الْأَعَمُّ مِنْ جَمْعِ الْقِلَّةِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ حَكَى الْأَصْفَهَانِيُّ عَنْهُ هَذَا الْإِشْكَالَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ جَمْعَ قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ، وَنَقُولُ: جَمْعُ الْكَثْرَةِ يَصْدُقُ عَلَى مَا دُونَ الْعَشَرَةِ حَقِيقَةً، وَأَمَّا جَمْعُ الْقِلَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ.

قَالَ: وَإِنْ سَاعَدَ عَلَى ذَلِكَ مَنْقُولُ الْأُدَبَاءِ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَمَتَى خَالَفَ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْأَدِلَّةِ الْأُصُولِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عُمُومِ الْجَمْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا يُمْكِنُ ادِّعَاءُ إجْمَاعِهِمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ اهـ.

وَيَقْدَحُ فِي ذَلِكَ نَقْلُ الْقَرَافِيِّ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَالزَّمَخْشَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>