وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ سَلِمَ الِاسْتِغْرَاقُ لَزِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مُهْمَلٌ، وَطَلَبَ ذَلِكَ مِنْ لُغَةٍ أُخْرَى، إذْ لَيْسَ بَحْثُ الْمَنْطِقِيِّينَ قَاصِرًا عَلَى لُغَةٍ دُونَ لُغَةٍ، وَإِنْ مُنِعَ الِاسْتِغْرَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَمَا تَأْتِي فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لِلْعُمُومِ، تَأْتِي لِلْخُصُوصِ كَالْعَهْدِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ يُرَادُ بِهَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ بِاعْتِبَارَيْنِ، فَلَا يَكُونُ بِمَعْنَى " كُلٍّ " وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ لَفْظَ الْإِهْمَالِ إذَا أُطْلِقَ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ تَعْمِيمٌ وَلَا تَخْصِيصٌ إلَّا بِقَرِينَةٍ، وَلَوْ كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، وَيُقَابِلُ التَّنْوِينَ لِلتَّنْكِيرِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْخُصُوصِ، لَكَانَ قَوْلُنَا: " الْإِنْسَانُ " لَا يَدُلُّ عَلَى الْوَاحِدِ أَلْبَتَّةَ " وَقَوْلُنَا: " إنْسَانٌ " لَا يَتَنَاوَلُ الشِّيَاعَ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ، وَأَخْذُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ بِمَعْنَى أَنَّهَا سُوَرٌ هُوَ الْمُغَلَّطُ، فَإِنَّ الْقَضِيَّةَ إذَا ذُكِرَتْ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ صَدَقَتْ فِي بَعْضٍ مَا، وَإِذَا قُرِنَ بِهِ لَفْظُ السُّوَرِ كَذَبَتْ، وَالسُّوَرُ الْكُلِّيَّةُ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى كُلِّيَّةِ الْحُكْمِ الْمَوْضُوعِ لَا عَلَى كُلِّيَّةِ الْمَحْمُولِ.
الثَّالِثُ: أَجْمَعَ النُّحَاةُ بِأَنَّ " أَلْ " تَأْتِي لِتَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ وَالِاسْتِغْرَاقِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، لِأَنَّهُمْ إمَّا أَنْ يُرِيدُوا تَعْرِيفَ الْحَقِيقَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ أَيْ لَوْ بِقَيْدِ وُجُودِهَا ذِهْنًا أَوْ خَارِجًا، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ مَعَارِفَ كَمَا قُلْنَا، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، أَوْ تَعْرِيفَهَا مِنْ حَيْثُ وُجُودُهَا فِي الذِّهْنِ أَوْ فِي الْخَارِجِ، فَحِينَئِذٍ هِيَ الِاسْتِغْرَاقُ فَلَا فَرْقَ، وَإِذْ قَدْ تَعَذَّرَ هَذَا فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ: أَنَّ " أَلْ " لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ خَاصَّةً حَيْثُمَا وَرَدَتْ، فَحَيْثُ يُقَالُ: هَذِهِ لِلْحَقِيقَةِ قُلْنَا لِلْعَهْدِ بِوَاسِطَةِ التَّهَكُّمِ أَوْ غَيْرِهِ، وَحَيْثُ قِيلَ: لِلِاسْتِغْرَاقِ قُلْنَا: لِلْعَهْدِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ لِمَا سَبَقَ.
[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْإِضَافَةُ]
هِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعُمُومِ كَالْأَلِفِ وَاللَّامِ. وَلِهَذَا عَاقَبَتْهَا، فَإِنْ دَخَلَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute