الْحُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ أَوْ بِنَقِيضِهِ؟ الْحَقُّ الثَّانِي. وَمَنْ تَأَمَّلْ الْمَفْهُومَاتِ وَجَدَهَا كَذَلِكَ. قَالَ: وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِي اسْتِدْلَالِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] إذْ مَفْهُومُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ مَفْهُومُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَعَدَمُ التَّحْرِيمِ صَادِقٌ مَعَ الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ، وَالْكَرَاهَةِ، وَالْإِبَاحَةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُوبَ، لِأَنَّ الْأَعَمَّ مِنْ الشَّيْءِ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، فَالنَّقِيضُ أَعَمُّ مِنْ الضِّدِّ.
[أَقْسَامُ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة]
وَأَقْسَامُهُ عَشَرَةٌ: اقْتَصَرَ الْأُصُولِيُّونَ مِنْهَا عَلَى ذِكْرِ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَحَصَرَهَا الشَّافِعِيُّ فِي خَمْسٍ، فَذَكَرَ الْحَدَّ، وَالْعَدَدَ، وَالصِّفَةَ، وَالْمَكَانَ. وَالزَّمَانَ. وَأَشَارَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَى شُمُولِ التَّعْبِيرِ عَنْهَا بِالصِّفَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، لِأَنَّ الصِّفَةَ مُقَدَّرَةٌ فِي ظَرْفِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، كَكَائِنٍ، وَمُسْتَقِرٍّ، وَوَاقِعٍ، مِنْ قَوْلِك: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، وَالْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمِيعُ عِنْدَنَا حُجَّةٌ إلَّا اللَّقَبَ. وَأَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجَمِيعَ. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ اللُّمَعِ " عَنْ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي " شَرْحِ التَّرْتِيبِ ": قَدْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَخَلَطُوا فِيهِ، وَآخِرُهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ، وَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ نَظَرَ فِي كِتَابِ " الرِّسَالَةِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute