للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ، فَلَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ كُلَّ الِانْكِشَافِ، فَحَسِبَهَا أَجْوِبَةً مُخْتَلِفَةً لِاخْتِلَافِ صُوَرِهَا، فَقَالَ: إنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ بِدَلِيلٍ يَزِيدُ عَلَى نَفْسِ اللَّفْظِ، لَا بِنَفْسِ اللَّفْظِ وَمُقْتَضَاهُ، مِثْلُ مَا ذَكَرَ مِنْ قِلَّةِ النَّمَاءِ، وَقِلَّةِ الْمَئُونَةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ، فَتَلَطَّفَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَنْعِ الْقَوْلِ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ، وَصَرَّحَ الْقَفَّالُ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ. اهـ.

قَالَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي " الذَّرِيعَةِ ": أَنْكَرَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِهِمْ كَأَبِي بَكْرٍ الْفَارِسِيِّ، وَالْقَفَّالِ وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ ابْنُ سُرَيْجٍ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالصِّفَةِ يَدُلُّ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ لَفْظُهُ إذَا تَجَرَّدَ، وَقَدْ تَحْصُلُ مِنْهُ قَرَائِنُ يَدُلُّ مَعَهَا عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ، كَقَوْلِهِ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} [الحجرات: ٦] . وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: ٦] . {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣] . وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» وَقَالَ: وَقَدْ يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ مَا عَدَاهُ مِثْلُ حُكْمِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] وَقَوْلِهِ: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] . وَقَوْلِهِ: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦] وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِالْقَرَائِنِ. قَالَ: وَقَدْ أَضَافَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلَهُ هَذَا إلَى الشَّافِعِيِّ، وَتَأَوَّلَ كَلَامَهُ الْمُقْتَضِي لِخِلَافِ ذَلِكَ، وَبَنَاهُ عَلَيْهِ. اهـ وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ فَقَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ: إنَّ النَّقَلَةَ نَقَلُوا عَنْهُ نَفْيَ الْقَوْلِ بِالْمَفْهُومِ، كَمَا نَقَلُوا عَنْهُ نَفْيَ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَقَدْ أُضِيفَ إلَيْهِ خِلَافُ ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>