[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ]
التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ] [وَدَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ] إنَّ دَلَالَةَ الْمُطَابَقَةِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْ التَّضَمُّنِ، وَذَلِكَ بِكَوْنِ مَدْلُولِ اللَّفْظِ بَسِيطًا لَا جُزْءًا لَهُ، وَهَلْ تَنْفَكُّ عَنْ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْهِنْدِيُّ: ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ، لِأَنَّ كُلَّ مَاهِيَّةٍ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهَا لَازِمٌ أَقَلُّهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ غَيْرَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الِانْفِكَاكَ زَاعِمًا أَنَّ شَرْطَ دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ أَنْ يَكُونَ اللَّازِمُ بِحَيْثُ يَكُونُ تَصَوُّرُهُ لَازِمًا لِتَصَوُّرِ الْمَلْزُومِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ اللَّازِمِ، هَذَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْقِلَ الْمَاهِيَّةَ مَعَ الذُّهُولِ عَنْ الِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا الْمُطَابَقَةُ فَلَازِمَةٌ لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ التَّابِعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِدُونِ الْمَتْبُوعِ.
وَقِيلَ: أَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ لِكُلِّ مَاهِيَّةٍ لَازِمًا أَوْ بَعْضَ الْمَاهِيَّاتِ لَا لَازِمَ لَهَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: لِكُلِّ شَيْءٍ لَازِمٌ، فَالْمُطَابَقَةُ وَالِالْتِزَامُ مُتَسَاوِيَانِ، قَالَ الْإِمَامُ فِي التَّلْخِيصِ: لِكُلِّ شَيْءٍ لَازِمٌ، وَأَدْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَهُ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي اللَّازِمِ الْبَيِّنِ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ حُضُورِ الْمَلْزُومِ حُضُورُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ بَعْضَ الْمَاهِيَّاتِ لَا لَازِمَ لَهَا فَالْمُطَابَقَةُ أَعَمُّ.
[دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]
[التَّنْبِيهُ السَّادِسُ] [دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ]
إنَّ دَلَالَةَ الْمُطَابَقَةِ هِيَ الصَّرِيحُ مِنْ اللَّفْظِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَأَمَّا دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ فَتَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ عِنْدَنَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى الثَّلَاثَ وَقَعَ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute