وَالثَّالِثُ: أَنَّ دَلَالَةَ التَّضَمُّنِ لَفْظِيَّةٌ وَالِالْتِزَامِ عَقْلِيَّةٌ، وَبِهِ قَالَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، لِأَنَّ الْجُزْءَ دَاخِلٌ فِيمَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ بِخِلَافِ اللَّازِمِ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ.
وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَتْ لَفْظِيَّةٌ لِأَجْلِ أَنَّ فَهْمَ الْجُزْءِ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ اللَّفْظِ فَدَلَالَةُ الِالْتِزَامِ كَذَلِكَ، لِأَنَّ فَهْمَ اللَّازِمِ إنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْمَلْزُومِ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ أَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لَهُ بِالْوَضْعِ الْمُخْتَصِّ بِالْحَقِيقَةِ فَبَاطِلٌ، أَوْ بِالْوَضْعِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، فَاللَّازِمُ أَيْضًا كَذَلِكَ إنْ اُعْتُبِرَ الْوَضْعُ فِي الْمَجَازِ، وَالْأَقْيَسُ مِنْهُمَا: الْوَضْعُ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ أَنَّ الْجُزْءَ دَاخِلٌ فِي الْمُسَمَّى، وَاللَّازِمُ خَارِجٌ عَنْهُ فَهُوَ تَحَكُّمٌ مَحْضٌ وَاصْطِلَاحٌ مِنْ غَيْرِ مُنَاسَبَةٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ الدَّقَائِقِ: وَمَنْ جَعَلَ الِالْتِزَامَ لَفْظِيَّةً فَقَدْ أَخْطَأَ، لِأَنَّ الذِّهْنَ يَنْتَقِلُ مِنْ اللَّفْظِ إلَى مَعْنَاهُ، وَمِنْ مَعْنَاهُ إلَى اللُّزُومِ، وَالتَّضَمُّنُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ بِخِلَافِ الِالْتِزَامِ، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْسُوبٌ إلَى اللَّفْظِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَقْلِيٌّ بِوَجْهٍ وَاعْتِبَارٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute