للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا الْكَبَائِرَ، وَهَذَا يُسَاعِدُهُ مُطْلَقُ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالتَّكْفِيرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبَائِرِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ الْكُفْرُ كَمَا قَالَ ابْنُ فُورَكٍ، فَنَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَيْهَا، وَتَسْقُطُ الدَّلَالَةُ بِهَا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: الْإِصْرَارُ بِالْفِعْلِ، وَيَحْتَاجُ إلَى ضَابِطٍ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لَمْ أَظْفَرْ فِيهِ بِمَا يُثْلِجُ الصُّدُورَ، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِالْمُدَاوَمَةِ، وَحِينَئِذٍ هَلْ تُعْتَبَرُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الصَّغَائِرِ أَمْ الْإِكْثَارِ مِنْ الصَّغَائِرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنْوَاعٍ؟ وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَنْهُ وَجْهَانِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُوَافِقُ الثَّانِي قَوْلَ الْجُمْهُورِ: مَنْ تَغْلِبُ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ كَأَنْ يُزَوِّرَ الشَّهَادَةَ. قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا بِهِ لَمْ يَضُرَّهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذَا غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ تَضُرُّهُ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ مُدَاوَمَةَ النَّوْعِ تَضُرُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ حِكَايَتِهِ قَالَ: إنَّ الْإِكْثَارَ مِنْ النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَالْإِكْثَارِ مِنْ الْأَنْوَاعِ، وَحِينَئِذٍ يَحْسُنُ مَعَهُ التَّفْصِيلُ. نَعَمْ، يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِيمَا إذَا أَتَى بِأَنْوَاعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ، فَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَوَّلِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي ضَرَّ.

[خَبَرِ الْفَاسِقِ]

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ مَسَائِلُ. أَحَدُهَا: عَدَمُ قَبُولِ خَبَرِ الْفَاسِقِ. وَالْفِسْقُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ، فَلَا خِلَافَ فِي رَدِّهِ. الثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ كَالْمُبْتَدِعَةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ. وَحَكَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى رَدِّ خَبَرِ الْفَاسِقِ. قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا أَنَّ شَهَادَتَهُ مَرْدُودَةٌ، عِنْدَ جَمِيعِهِمْ، وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>