جَعْلَ الْغِيبَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ، وَهُوَ يُخَالِفُ نَصَّ الشَّافِعِيِّ، كَيْفَ وَهِيَ أُخْتُ النَّمِيمَةِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ حَدِيثَ الْمُعَذَّبَيْنِ فِي قَبْرِهِمَا، فَذَكَرَ الْغِيبَةَ بَدَلَ النَّمِيمَةِ وَمِنْهَا إدْمَانُ الصَّغِيرَةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الصَّغَائِرِ حُكْمُهُ حُكْمُ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ الْقُضَاعِيُّ فِي كِتَابِ " تَحْرِيرِ الْمَقَالِ فِي مُوَازَنَةِ الْأَعْمَالِ ": إنَّ الْإِصْرَارَ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا أُصِرَّ بِهِ عَلَيْهِ، فَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ صَغِيرَةٌ. قَالَ: وَقَدْ جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ الصُّوفِيَّةِ لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَرُبَّمَا يَرْوِي حَدِيثًا، وَلَا يَصِحُّ، وَالْإِصْرَارُ يَكُونُ بِاعْتِبَارَيْنِ: أَحَدُهُمَا: حُكْمِيٌّ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ تِلْكَ الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ كَرَّرَهَا فِعْلًا، بِخِلَافِ التَّائِبِ مِنْهَا، فَلَوْ ذَهَلَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ فَهَذَا هُوَ الَّذِي تُكَفِّرُهُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ مِنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَالْجُمُعَةِ وَالصِّيَامِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ.
لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا هَلْ شَرْطُ التَّكْفِيرِ عَدَمُ مُلَابَسَتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الْكَبَائِرِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، لِأَجْلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصَّلَاةُ إلَى الصَّلَاةِ كَفَّارَةُ مَا بَيْنَهُمَا مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ» ، وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ عَنْ الْجُمْهُورِ الِاشْتِرَاطَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. قَالَ: وَالشَّرْطُ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: مُكَفِّرَاتُ مَا بَيْنَهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute