وَجَزَمَ الْعَبْدَرِيّ، وَابْنُ الْحَاجِّ بِاشْتِرَاطِ هَذَا، وَزَادَا شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ نَقِيضُ الصِّفَةِ يَخْطِرُ بِالْبَالِ. قَالَ الْإِبْيَارِيُّ: فَأَمَّا إذَا ذَكَرَ الِاسْمَ الْعَامَّ ثُمَّ ذَكَرَ الصِّفَةَ الْخَاصَّةَ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِدْرَاكِ كَقَوْلِهِ: «مَنْ بَاعَ ثَمَرَةً غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ» وَكَقَوْلِهِ: مَنْ يَلُومُ الْعُلَمَاءَ الصَّالِحِينَ؟ فَقَدْ يُقَالُ: لَوْ كَانَ الْحُكْمُ يَعُمُّهَا لَمَا أَنْشَأَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِدْرَاكًا. وَهَذَا ضَعِيفٌ. نَعَمْ، التَّخْصِيصُ يُفْهِمُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَنْطُوقُ بِهِ، أَمَّا إنَّهُ يَنْفِي الْحُكْمَ فِيمَا عَدَاهُ فَلَا. اهـ. وَقَدْ سَبَقَ فِي كَلَامِ السُّهَيْلِيِّ هَذِهِ الصُّورَةُ.
[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاسْمِ]
تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: خَرَجَ لَنَا مِنْ هَذَا أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الصِّفَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاسْمِ، ثُمَّ الصِّفَةُ فِيهِمَا إمَّا أَنْ تَتَبَدَّلَ أَوْ لَا. وَبَقِيَتْ صُورَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ تَقَدُّمَ الصِّفَةِ، نَحْوُ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ وَهَذَا يَسْتَدْعِي تَجْدِيدَ عَهْدٍ بِمَا سَبَقَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ التَّقْيِيدُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ. وَالْغَنَمُ مَوْصُوفٌ، وَالسَّائِمَةُ صِفَةٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
قِيلَ: وَالظَّاهِرُ تَغَايُرُهُمَا، وَأَنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَفْهُومَ صِلَةٍ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ فِيهِمَا مُتَغَايِرٌ، فَالْمُقَيَّدُ فِي قَوْلِنَا. فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ، إنَّمَا هُوَ الْغَنَمُ. وَفِي قَوْلِنَا: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إنَّمَا هُوَ السَّائِمَةُ، فَمَفْهُومُ الْأَوَّلِ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ، إذْ لَوْلَا التَّقْيِيدُ بِالسَّوْمِ لَشَمِلَهَا لَفْظُ الْغَنَمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute