وَقَدْ سَبَقَتْ أَيْضًا مَسْأَلَةُ: إذَا صَدَرَ مِنْ الشَّارِعِ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَرِينَةِ، وَقُلْنَا: يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ وَجَبَ الْفِعْلُ لَا مَحَالَةَ،
[فِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْبَحْثِ]
وَفِي وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْبَحْثِ خِلَافُ الْعَامِّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فِي كِتَابِهِ " فِي بَابِ الْعُمُومِ. قَالَ: فَعَلَى قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ يُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ بِظَاهِرِهِ، وَالنَّهْيُ عَلَى التَّحْرِيمِ بِظَاهِرِهِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ يُتَوَقَّفُ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى. وَقَدْ تَعَرَّضَ هَاهُنَا صَاحِبُ الْمِيزَانِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: إذَا صَدَرَ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ مِنْ مُفْتَرِضِ الطَّاعَةِ فَحُكْمُهُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ وَاعْتِقَادُهُ قَطْعًا. هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَقَالَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ مِنْهُمْ الْمَاتُرِيدِيُّ: إنَّ حُكْمَهُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا عَلَى طَرِيقِ التَّعْيِينِ، وَهُوَ أَنْ لَا يُعْتَقَدَ فِيهِ نَدْبٌ وَلَا مَا يُنَافِيهِ، وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الِاعْتِقَادِ بِطَرِيقِ التَّعْيِينِ، وَبُنِيَ عَلَى هَذَا مَا لَوْ اقْتَرَنَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ قَرِينَةُ النَّدْبِ، أَوْ الْإِبَاحَةِ، أَوْ التَّهْدِيدِ، فَمَنْ قَالَ: الْوُجُوبُ عَيْنًا فَلَيْسَ بِأَمْرٍ عِنْدَهُ، لِانْعِدَامِ حُكْمِهِ، بَلْ إطْلَاقُ لَفْظِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ مَجَازًا. انْتَهَى. وَأَقُولُ: الْأَمْرُ ضَرْبَانِ: أَمْرُ إعْلَامٍ وَأَمْرُ إلْزَامٍ، فَأَمَّا أَمْرُ الْإِعْلَامِ فَمُخْتَصٌّ بِالِاعْتِقَادِ دُونَ الْفِعْلِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْأَمْرُ عَلَى الِاعْتِقَادِ بِزَمَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute