للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْوُجُوبَ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ دَائِرًا بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَالْوُجُوبِ فَيَسْتَفِيدُ بِقَوْلِهِمْ: يَجُوزُ نَفْيُ الْحُرْمَةِ فَيَبْقَى الْوُجُوبُ، وَلِهَذَا لَا يَحْسُنُ قَوْلُهُمْ فِيمَنْ عَلِمَ دُخُولَ رَمَضَانَ بِالْحِسَابِ: إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ لَا يُتَنَفَّلُ بِهِ، وَكَذَا لَا يَحْسُنُ قَوْلُهُمْ فِي الصَّبِيِّ: لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ وَجَبَ.

[مَسْأَلَةٌ مِنْ صِيَغِ الْمُبَاحِ]

ِ] وَمِنْ صِيَغِهِ أَعْنِي الْمُبَاحَ: رَفْعُ الْحَرَجِ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّائِلِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» وَمِنْ صِيَغِهِ فِي الْقُرْآنِ: نَفْيُ الْجُنَاحِ، وَمِنْ ثَمَّ صَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْقَصْرَ مُبَاحٌ لَا وَاجِبٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١] وَالْجُنَاحُ: الْإِثْمُ، وَهَذَا مِنْ صِفَةِ الْمُبَاحِ لَا الْوَاجِبِ. وَأُجِيبُ عَنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] وَالسَّعْيُ وَاجِبٌ بِأَمْرَيْنِ. أَحَدُهُمَا: نُزُولُهَا عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ ظَنُّهُمْ أَنَّ السَّعْيَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>