[التَّابِعِيُّ الْمُجْتَهِدُ هَلْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ إذَا أَدْرَكَ عَصْرَهُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ [التَّابِعِيُّ الْمُجْتَهِدُ هَلْ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ] [إذَا أَدْرَكَ عَصْرَهُمْ؟] إذَا أَدْرَكَ التَّابِعِيُّ عَصْرَ الصَّحَابَةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ دَخَلَ مَعَهُمْ فِيهِ، وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ إلَّا بِهِ عَلَى أَصَحِّ الْوُجُوهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنِ الصَّبَّاغِ، وَابْنِ السَّمْعَانِيِّ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ السُّهَيْلِيِّ فِي كِتَابِ " أَدَبِ الْجَدَلِ " لَهُ. قَالَ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا إلَّا فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ كَوْنَ الْحَقِّ مَعَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ " اللُّبَابِ "، وَالسَّرَخْسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِمْ. قَالَ: وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، لَا يَثْبُتُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ فِي الْإِشْعَارِ؛ لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ كَانَ يَكْرَهُهُ، وَهُوَ مِمَّنْ أَدْرَكَ عَصْرَ الصَّحَابَةِ، فَلَا يَثْبُتُ إجْمَاعُهُمْ بِدُونِ قَوْلِهِ، وَلَنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ إذْ ذَاكَ بَعْضُ الْأُمَّةِ، وَالْعِصْمَةُ إنَّمَا ثَبَتَتْ لِجَمِيعِهِمْ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ فَرِيضَةٍ فَقَالَ: سَلُوا ابْنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِهَا، وَكَانَ أَنَسٌ يُسْأَلُ فَيَقُولُ: سَلُوا مَوْلَانَا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ سَمِعَ وَسَمِعْنَا، وَحَفِظَ وَنَسِينَا، وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَبْحِ الْوَلَدِ فَأَشَارَ إلَى مَسْرُوقٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُ جَوَابُهُ تَابَعَهُ عَلَيْهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْوَجِيزِ "، وَنَقَلَهُ فِي " الْأَوْسَطِ " عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ وَنُفَاةِ الْقِيَاسِ، وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute