للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْجِنْسِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ النَّاسَ حَنِثَ بِالْوَاحِدِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِبَعْضِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ نَاسًا يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ. نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ.

لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِجَمِيعِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَمْعِ فِي إفَادَةِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " جَرَيَانُ خِلَافِ أَبِي هَاشِمٍ فِيهِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ لَفْظَ النَّاسِ، وَجَعَلَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ الْجَمْعَ مِمَّا يَعُمُّ بِصِيغَتِهِ وَمَعْنَاهُ، وَهَذَا مِمَّا يَعُمُّ بِمَعْنَاهُ لَا بِصِيغَتِهِ.

[أَقَلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الطَّائِفَةِ]

وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ لَفْظَ الطَّائِفَةِ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى قِطْعَةٍ مِنْ شَيْءٍ، وَاخْتُلِفَ فِي أَقَلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، هَلْ هُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَقَلُّ؟ فَمِنْ حَيْثُ كَانَ مَدْلُولُهَا الْقِطْعَةَ مِنْ النَّاسِ لَمْ تَكُنْ عَامَّةً؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْعُمُومِ شُمُولٌ لِغَيْرِ مُتَنَاهٍ وَلَا مَحْصُورٍ، قُلْت: وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي " الْمُخْتَصَرِ " عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الطَّائِفَةِ ثَلَاثَةٌ، فَقَالَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ: وَالطَّائِفَةُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَقَلَّ مِنْ طَائِفَةٍ انْتَهَى هَذَا نَصُّهُ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

وَذَكَرُوا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: أَقَلُّ الطَّائِفَةِ ثَلَاثَةٌ خَطَأٌ لِأَنَّ الطَّائِفَةَ فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ تُطْلَقُ عَلَى وَاحِدٍ، أَمَّا فِي اللُّغَةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>