لَفْظِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ فِي أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا النَّوْعِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَنَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ التَّوَقُّفِ. وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْمَازِرِيُّ. وَفَصَّلَ الشَّيْخُ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْمُحَقَّقِ فِي الْأَفْعَالِ " بَيْنَ الْمُبَاحِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ التَّشَبُّهُ فِيهِ بِهِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ، وَبَيْنَ الْوَاجِبِ فَيُسْتَحَبُّ التَّشَبُّهُ، وَكَذَلِكَ التَّنَزُّهُ عَنْ الْمُحَرَّمِ، كَأَكْلِ ذِي الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ، وَطَلَاقِ مَنْ تُكْرَهُ صُحْبَتُهُ. قَالَ: وَهَذَا تَفْصِيلٌ حَسَنٌ لِمَنْ فَهِمَ الْفِقْهَ وَقَوَاعِدَهُ، وَلَعَلَّ الْإِمَامَ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الصَّحَابَةَ فَعَلُوا ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الِاقْتِدَاءِ وَالتَّأَسِّي، بَلْ لِأَدِلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. وَقَسَّمَا هَذَا النَّوْعَ إلَى مَا أُبِيحَ لَهُ وَحُظِرَ عَلَيْنَا كَالْمَنَاكِحِ. وَإِلَى مَا أُبِيحَ لَهُ وَكُرِهَ لَنَا كَالْوِصَالِ وَإِلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَنُدِبَ لَنَا كَالسِّوَاكِ، وَالْوِتْرِ وَالضُّحَى.
[الْخَامِسُ مَا يَفْعَلُهُ لِانْتِظَارِ الْوَحْيِ]
ِ، كَابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ حَيْثُ أَبْهَمَهُ مُنْتَظِرًا لِلْوَحْيِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إطْلَاقُ الْإِحْرَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْيِينِهِ تَأَسِّيًا، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ. قَالَ الْإِمَامُ فِي " النِّهَايَةِ ": وَهَذَا عِنْدِي هَفْوَةٌ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّ إبْهَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحْمُولٌ عَلَى انْتِظَارِ الْوَحْيِ قَطْعًا، فَلَا مَسَاغَ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ.
[السَّادِسُ مَا يَفْعَلُهُ مَعَ غَيْرِهِ عُقُوبَةً]
ً، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُشَارِكُهُ فِي الْمَعْنَى قِيَاسًا عَلَيْهِ، أَمْ عَلَى الظَّاهِرِ؟ . وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: مَا يَفْعَلُهُ مَعَ غَيْرِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute