بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» فَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لِلْبَائِعِ فِيمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ.
فَأَجَابَ: لِلْمَذْهَبِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ لِلتَّعْرِيفِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْخَرَاجُ فِي مُقَابَلَةِ مِثْلِ هَذَا بِالضَّمَانِ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ قِيَامُ الدَّلِيلِ مِنْ خَارِجِ أَنَّ ضَمَانَ الْغَاصِبِ وَالْمَقْبُوضِ عَنْ فَسْخِ الْبَيْعِ وَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ الضَّمَانُ فِيهَا، وَلَا خَرَاجَ لِلضَّامِنِ بِالضَّمَانِ. وَقَدْ كَانَتْ قِصَّةُ الْحَدِيثِ فِي بَيْعٍ وُجِدَ فِيهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ. وَهَذَا لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْخَرَاجِ بِمِلْكٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمَانًا. إذْ لَا حَصْرَ إلَّا فِي اللَّقَبِ وَاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ. هَذَا كَلَامُهُ.
[مَسْأَلَةٌ إفَادَةُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ الْحَصْرَ]
الْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، نَحْوُ: زَيْدٌ هُوَ الْعَالِمُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [الشورى: ٩] . {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} [الكوثر: ٣] . ذَكَرَهُ الْبَيَانِيُّونَ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ ": صَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: ١٧٣] . فَإِنَّهُ لَمْ يُسَقْ إلَّا لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهُمْ الْغَالِبُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: ٤٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute