للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَلَالَةُ الْعُمُومِ كُلِّيَّةٌ، فَيَكُونُ أَمْرُ كُلِّ فَرْدٍ بِقَتْلِ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَيَكُونُ تَكْلِيفًا بِالْمُسْتَحِيلِ، وَهُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ إلَّا أَنَّ الْعَقْلَ دَلَّ عَلَى خِلَافِهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُمْكِنِ دُونَ الْمُسْتَحِيلِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا السُّؤَالُ لَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا؛ لِأَنَّ الْفَرْدَ الْوَاحِدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَقْتُلَ جَمِيعَ الْمُشْرِكِينَ.

[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْعُمُومِ عَلَى الْأَفْرَادِ هَلْ هِيَ قَطْعِيَّةٌ]

ٌ؟] إذَا ثَبَتَ دَلَالَةُ الْعُمُومِ عَلَى الْأَفْرَادِ، فَاخْتَلَفُوا: هَلْ هِيَ قَطْعِيَّةٌ أَوْ ظَنِّيَّةٌ؟ وَالثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَالْأَوَّلُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ صَاحِبُ " اللُّبَابِ " مِنْهُمْ، وَأَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فِي " التَّقْوِيمِ ": دَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ تُوجِبُ الْحُكْمَ بِعُمُومِهِ قَطْعًا وَإِحَاطَتَهُ كَالْخَاصِّ إنْ كَانَ النَّصُّ مَقْطُوعًا بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَا تُوجِبُ الْعِلْمَ " وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ الْخَاصَّ يَنْسَخُ الْعَامَّ، وَالْعَامَّ الْخَاصَّ، لِاسْتِوَائِهِمَا رُتْبَةً، وَعِنْدَهُ يَجُوزُ نَسْخُ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ، وَيَمْتَنِعُ نَسْخُ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ، وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِخَاتَمٍ، ثُمَّ لِعَمْرٍو بِفَصِّهِ فِي كَلَامٍ مَفْصُولٍ: بِالْحَلَقَةِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَالْفَصُّ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ الْفَصَّ بِوَصِيَّةٍ عَامَّةٍ لِلْفَصِّ وَالْخَاتَمِ، وَالثَّانِي اسْتَحَقَّ الْفَصَّ بِوَصِيَّةٍ خَاصَّةٍ، فَزَاحَمَهُ بِالْمُشَارَكَةِ مَعَهُ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>