وَالثَّالِثُ: يُعْتَبَرُ الْعُلُوُّ بِأَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْتِمَاسٌ أَوْ كَانَ دُونَهُ فَسُؤَالٌ، وَبِهِ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " وَنَقَلَهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. وَنَقَلَهُ ابْنُ الْفَارِضِ الْمُعْتَزِلِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ، وَحَكَاهُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَابْنِ السَّمْعَانِيِّ، وَسُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ عَبْدَانَ فِي كِتَابِهِ شُرُوطِ الْأَحْكَامِ " وَشُرِطَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ مِمَّنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا يُقَالُ لَهُ: أَمْرٌ. وَالرَّابِعُ: وَبِهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ يُعْتَبَرُ الِاسْتِعْلَاءُ لَا الْعُلُوُّ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ عَالِيًا، وَقَدْ لَا يَكُونُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْآمِدِيَّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ ".
[مَسْأَلَةٌ اعْتِرَاضٌ عَلَى حَدِّ الْأَمْرِ]
[اعْتِرَاضٌ عَلَى حَدِّ الْأَمْرِ] لَمَّا أَخَذُوا الطَّلَبَ فِي حَدِّ الْأَمْرِ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ الطَّلَبَ أَخْفَى مِنْ الْأَمْرِ، وَالتَّعْرِيفُ بِالْأَخْفَى يَمْتَنِعُ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: الطَّلَبُ بَدِيهِيُّ التَّصَوُّرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَعْرِفُ بِالْبَدِيهَةِ تَفْرِقَةً بَيْنَ طَلَبِ الْفِعْلِ وَطَلَبِ التَّرْكِ، ثُمَّ قَالُوا: مَعْنَى الطَّلَبِ هُوَ غَيْرُ الصِّيغَةِ لِاتِّحَادِهِ وَاخْتِلَافِهَا وَتَبَدُّلِهِ وَثُبُوتِهَا، بَلْ هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِنَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ يَجْرِي مَجْرَى الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ، وَهَذِهِ الصِّيَغُ الْمَخْصُوصَةُ دَالَّةٌ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute