مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَوْلُ بِصِحَّةِ النَّسْخِ، حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ إنْكَارِهِ إنْكَارُ النُّبُوَّةِ، وَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ شَرْعَ الْمَاضِينَ كَانَ مُغَيَّا إلَى ظُهُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّفْظِ. وَهُنَا مُبَاحَثَةٌ مَعَ الْيَهُودِ لُعِنُوا بِمَا قَالُوا، وَهِيَ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ التَّعَبُّدَ فِي الشَّرَائِعِ بِالْعِبَادَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَغَيَّرَ قِيَاسًا عَلَى التَّوْحِيدِ، فَإِنَّ التَّعَبُّدَ بِالتَّوْحِيدِ لَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ إلَى الْكُفْرِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: أَيَجُوزُ أَنْ يُتَعَبَّدَ بِالصَّلَاةِ مَثَلًا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِاسْتِغْرَاقِ الزَّمَانِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَيَجُوزُ أَنْ يُتَعَبَّدَ بِالتَّوْحِيدِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ مَعَ كَمَالِ الْعَقْلِ وَالْقُدْرَةِ؟ فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَدْ جَوَّزُوا تَرْكَ التَّوْحِيدِ. وَإِنْ قَالُوا: لَا، وَهُوَ قَوْلُهُمْ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالشَّرَائِعِ. وَحِينَئِذٍ فَلَا امْتِنَاعَ فِي اخْتِلَافِ التَّعَبُّدِ بِالشَّرَائِعِ فِي الْكَيْفِيَّةِ، وَالْعَدَدِ، وَالْوَقْتِ، وَالزِّيَادَةِ، وَالنَّقْصِ. .
[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْحُكْم وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ إعْلَامٌ]
مَسْأَلَةٌ
يَجُوزُ نَسْخُ الْحُكْمِ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ إعْلَامٌ بِأَنَّهُ سَيُنْسَخُ. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَعَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ فِي الْجُمْلَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: ١٤٤] الْآيَةَ. قَالُوا: فَهَذِهِ قَرِينَةُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيَنْسَخُ الْقِبْلَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْت بَعْضَ مَنْ كَانَ يُظْهِرُ التَّوْحِيدَ، وَيُتَّهَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute