للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمْهُورُ، وَإِمَّا عَلَى مُسْلِمٍ كَمَا تَقُولُهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَلَكِنَّهُ خُفِضَ لِمُجَاوَرَتِهِ لِلْمَخْفُوضِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ مَفْهُومَهُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ مُطْلَقًا، فِي حَالَةِ كَوْنِ ذِي الْعَهْدِ فِي عَهْدِهِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْحَرْبِيِّ اتِّفَاقًا.

[مَسْأَلَةٌ لَفْظُ الْعَامِ إذَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى عُمُومٍ قَبْلَهُ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ]

مَسْأَلَةٌ

اخْتَلَفُوا فِي لَفْظِ الْعَامِّ إذَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى عُمُومٍ قَبْلَهُ، وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ إذَا أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِ الثَّانِي بِمَا قَبْلَهُ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: فَكُلُّ مَنْ اعْتَبَرَ خُصُوصَ السَّبَبِ زَعَمَ أَنَّ الثَّانِيَ مَحْمُولٌ عَلَى حُكْمِ الْعُمُومِ الَّذِي يَلِيه، وَمَنْ اعْتَبَرَ عُمُومَ اللَّفْظِ أَوْجَبَ اعْتِبَارَ الْعُمُومِ الثَّانِي بِظَاهِرِهِ، إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِالْمَعْطُوفِ، وَمِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] إلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: ٣٩] " فَمَنْ تَابَ " كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ مُفْرَدٌ، فَلَا يَصِحُّ تَضْمِينُهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ السَّرِقَةِ مِنْ سُقُوطِ الْقَطْعِ بِالتَّوْبَةِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي السَّرِقَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ مِنْهُ. وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] الْآيَةُ اسْتَثْنَى لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: هَذَا الْمَذْهَبُ الَّذِي أَخَتَرَتَاهُ أَوْلَى، لِأَنَّهُمْ حَمَلُوا قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَلَمْ يَحْمِلُوهَا عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>